صوت الأمة:
أكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، السيد ناصر بوريطة، اليوم الخميس، أن المغرب، الذي تربطه علاقات متميزة باليابان الصديقة، على استعداد لتسخير كل الإمكانات المتاحة للمساهمة في الرقي بالحوار السياسي العربي- الياباني إلى مستوى تعاون حقيقي مبني على رؤية واضحة وخطط عمل واقعية لتعزيز المصالح المتبادلة، وتحقيق المنفعة المشتركة.
وأضاف السيد بوريطة، في كلمة بمناسبة انعقاد الدورة الثانية للاجتماع الوزاري للحوار السياسي العربي- الياباني، عبر الاتصال السمعي البصري، أن هذا الاجتماع “هو فرصة سانحة للدفع بمسار هذا الحوار إلى مستويات أعلى، والانتقال من مرحلة التشاور إلى مرحلة إطلاق برامج ومبادرات ملموسة تنسجم مع سعينا المشترك إلى تحقيق تنمية مستدامة لشعوبنا ولمنطقتنا، وفق منطق رابح-رابح”.
وأبرز أن التعاون العربي الياباني، بشقيه الاقتصادي والسياسي، يشكل أحد أهم منتديات الحوار القائمة بين الدول العربية وعدد من الدول الصديقة الأخرى، والتي تسعى إلى ترسيخ أسس التشاور والتعاون لتحقيق المصلحة المشتركة والمنفعة المتبادلة، مؤكدا على أن هذا التعاون أضحى ضرورة ملحة للتمكن من مواجهة التحديات، كتلك التي فرضتها جائحة كورونا والتي وضعت تماسك المجتمع الدولي على المحك وأظهرت أن لا مخرج من الأزمات العالمية إلا بتظافر الجهود وتبادل الخبرات المستجدة والمعلومات دون تفاضل بين الدول أو استئثار بالحلول لصالح البعض دون البعض الآخر.
وفي هذا المقام، يضيف السيد بوريطة “وجب التنويه بروح التضامن التي أعربت عنها اليابان تجاه الدول العربية في مواجهة جائحة كورونا وبالمساعدات التي قدمتها حكومة هذا البلد الصديق لتجاوز هذه المحنة والتخفيف من تبعاتها، حيث استفاد المغرب، على سبيل المثال، من دعم يشمل قرضا بقيمة 200 مليون دولار بشروط تفضيلية، بالإضافة إلى إعانات مختلفة للتصدي للآثار الاجتماعية والاقتصادية للجائحة”.
ومن جهة أخرى، أشار السيد بوريطة إلى أن تضمين جدول أعمال هذا الاجتماع لبند “الأمن البحري والقانون الدولي وأمن الطاقة”، يعكس بلا شك الأهمية التي يحظى بها هذا الموضوع لدى الجانبين العربي والياباني، لاعتبارين اثنين، أولهما لأن المنطقة العربية تمثل عامل توازن واستقرار رئيسي للإمدادات الطاقية في العالم، والثاني، لأن الشريك الياباني يستورد حوالي 90 في المائة من احتياجاته الطاقية من دول المنطقة.
وشدد الوزير، بهذا الخصوص، على أنه من “منطلق المنفعة المتبادلة، فإننا مدعوون اليوم إلى تبني مقاربة مشتركة تشمل جهدا دوليا، يتجاوز الحدود المؤسساتية التقليدية المحلية، لضمان احترام أمن الممرات المائية بالمنطقة العربية واستقرارها، بما يسهم في سلاسة انسياب حركة الملاحة البحرية”.
وفي هذا الصدد، أبرز أن المملكة المغربية، التي تقع عند مفترق الطرق الأكثر أهمية في العالم (مضيق جبل طارق يشهد يوميا مرور أزيد من 300 باخرة تجارية و500 ألف طن من المحروقات)، وتسيّر 95 في المائة من مبادلاتها التجارية الدولية عبر الملاحة البحرية، تعي جيدا حيوية هذا النشاط باعتباره رافعة أساسية للتنمية، وتدعو إلى ضمان سلامة وأمن واستدامة حركة المرور البحري، كما تؤكد على ضرورة احترام القانون الدولي وقواعد الملاحة البحرية، التي لا ينبغي أن تتعرض لأي إكراه أو تدخل.
وبخصوص العلاقات المغربية – اليابانية، أكد السيد بوريطة أنها تمثل نموذجا للتفاعل المثمر والمستدام، لم يحل دون نجاحه البعد الجغرافي أو الاختلاف الثقافي.
ولعل أبرز معالم هذا التفاعل، يضيف الوزير، اختيار 75 شركة يابانية الاستثمار في المغرب، بالإضافة إلى المشاريع الاقتصادية والاجتماعية التي تحققها “الوكالة اليابانية للتعاون الدولي” في مختلف مناطق المغرب وكذا “اللجنة المشتركة المغربية-اليابانية” التي اجتمعت في دورتها الخامسة في يناير 2020، والتي ساهمت في إثراء الإطار القانوني للعلاقات الثنائية من خلال إبرام اتفاقيتين جديدتين تهمان تشجيع وحماية الاستثمارات وإلغاء الازدواج الضريبي.
كما أكد على أن المملكة المغربية تحت القيادة الحكيمة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، عازمة على الارتقاء بعلاقاتها مع اليابان لتشمل مجالات أوسع والعمل معها على ترسيخ ضوابط التعاون الدولي المبني على احترام سيادة الدول ووحدتها الترابية وثوابتها الوطنية، والإسهام في دعم العلاقات المتميزة بين البلدان العربية واليابان وكذا تعزيز علاقات الشراكة والتعاون بين اليابان والدول الإفريقية، خاصة في إطار “مؤتمر طوكيو الدولي للتنمية الإفريقية” والذي تراهن عليه المملكة ليكون منصة لتفعيل مشاريع التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تخدم مصلحة القارة، لا لعرقلتها بمزايدات سياسية عقيمة.
وفي السياق ذاته، توقف السيد بوريطة عند مكانة اليابان المتميزة على الساحة الدولية ودورها الفاعل على الصعيد العالمي سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي أو الثقافي أو التكنولوجي، التي يجعل منها شريكا موثوقا به، ومحاورا متميزا للدفاع عن القضايا العربية العادلة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.
ومن هذا المنطلق، يضيف الوزير، فإن المملكة المغربية، بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس، ستواصل دعم مسار السلام كخيار استراتيجي لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، والوصول إلى حل دائم وشامل يمكن الشعب الفلسطيني من استرجاع حقوقه المشروعة، وإقامة دولته المستقلة، القابلة للحياة وذات سيادة، عاصمتها القدس الشرقية، تعيش جنبا إلى جنب مع دولة إسرائيل، مع ضرورة عدم المساس بالخصوصية الدينية المتعددة لمدينة القدس والحفاظ على وضعها القانوني.
وقال بهذا الخصوص “وإذا كانت القضية الفلسطينية تحتل الصدارة في اهتماماتنا، فإننا لا ننسى الأزمات العربية الأخرى، وخاصة في سوريا واليمن، التي نتطلع فيها إلى إيجاد حلول وتوافقات سياسية عاجلة، وفق القرارات الأممية والدولية ذات الصلة، بما يسمح من إخراجها من المأزق الذي آلت إليه”.