صوت الأمة:
ليست مبالغة أن نقول أن هذا الثلاثي ( النفط و الفقر و الفساد ) يشكل على التوالي نعمة و نقمتين على الشعب الجزائري المقهور و جل المواطنين يتمنون لو أنهم لم يرزقوا تلك النعمة حتى لا يبتلوا بالنقمتين القاصمتين للظهر ، ثروة النفط و مشتقاته المهمة في بلد تعداد سكانه حسب إحصائيات رسمية يفوق 37 مليون نسمة ، لا تلغي هشاشة في البنية التحتية ( أغلب البنية التحتية موروثة منذ عهد الإستعمار ) و ارتفاع معدل البطالة و انخفاض المستوى المعيشي للفرد ( أكثر من 20 مليون مواطن تحت عتبة الفقر ) . لقد عمل هذا النظام الإرهابي على إضعاف مسعى حقيقي للمساءلة و الشفافية و النزاهة الشئ الذي عمل على إحباط أي استثمار في البشر إلا في الإتجاه السلبي بتكريس الفقر و الفساد .
الفقر مستشر بأشكال و نسب مخيفة في بلد يسبح فوق ثروة و احتياطات كبيرة من الذهب الأسود ، فالجزائر تنتج 1.41 مليون برميل من النفط يوميا بالإظافة إلى 100 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي سنويا ، و تصدر 55 مليار متر مكعب من الغاز إلى الخارج ، علما أن احتياطات الجزائر القابلة للإستغلال من الغاز الطبيعي تقدر ب 4500 مليار متر مكعب ، و من النفط الخام 11.2 مليار برميل . الأسباب متعددة لكنها تصب في قناة واحدة هي فساد نظام سياسي و اقتصادي موجه و
تبنيه أبجديات ضيقة الأفق و تغيب فيها رؤية مستقبلية ، حيث إن النظام الإرهابي في الجزائر يعتمد في صادراته بشكل كلي على المنتجات النفطية دون تنويع بالإتجاه نحو مجالات اقتصادية أخرى تضمن تطوير البنية الإقتصادية و الإستثمارية .
و يعد الفساد من العوامل الأساسية في تفشي الفقر بالجزائر باعتبار النمودج الإقتصادي المتبع و المؤدي إلى تباطؤ النمو الإقتصادي يوجد تحت حكم عسكري إرهابي لا صلة له بمفهوم الديموقراطية و الشفافية و الحكامة الجيدة في التدبير ، الشئ الذي كانت نتائجه تصب في عدم المساواة في الدخل و الثروة و توسع الهوة بين الطبقات ، كما أن استثمار نظام الحركي الإرهابي في الخدمات كالتعليم و الرعاية الصحية ضعيف و لا يرقى إلى المستوى المطلوب ، حيث إن الفئات الفقيرة تضاءلت فرصها في الحصول على تلك الخدمات ، فبالإضافة إلى قلة جودة ما هو موجود منها ، و تبقى فئة قليلة من المحظوظين فقط هي من تستأثر بمقدرات البلاد من النفط اعتماد سياسات اقصائية لأطر اقتصادية و قانونية .
النظام الإرهابي الحاكم في الجزائر بفعل نفوذه و سطوته و فساده يؤثر سلبا على مؤسسات الدولة بما يتفق و استشراء الفقر ، حيث تتضائل أو تنعدم مشاركة المواطن بشكل فعال و إيجابي في صناعة السياسات العامة عبر تمثيله في أحزاب أو جمعيات المجتمع المدني ، الشئ الذي يعيق تقديم خدمات عالية الجودة نظراً إلى توجيه رؤوس الأموال العامة إلى مشاريع ليست ذات أولوية ملحة أو تهريب تلك الأموال خارج الدولة أو صرفها على مبادرات خارجية الغرض منها دعم حروب جانبية لا تهم الشعب لا من قريب و لا من بعيد و نذكر هنا على سبيل المثال عصابة البوليزاريو الإرهابية التي تُنْفَقُ عليها مليارات الدولارات من أموال النفط الشئ الذي يعطل التنمية الحقيقية و يوسع رقعة الفقر .
كما نجد أن النظام الإرهابي الجزائري في حروبه الأخيرة ضد المغرب ارتأى أن يوظف مجال حقوق الإنسان تمويهاً و صرفاً للإنتباه عن فشله في مجال التنمية ، و هنا لا بد من الإعتماد على إعلان الأمم المتحدة المتعلق بالحق في التنمية المعتمد من طرف الجمعية العامة في فاتح دجنبر 1986 في القرار المرقم ب 24/ 128 الرامي إلى أن حقوق الإنسان تشمل الحق في التنمية غير القابل للتصرف و التي جاء فيها أن ( الحق في التنمية حق من حقوق الإنسان غير قابل للتصرف ، و بموجبه يحق لكل إنسان و لجميع الشعوب المشاركة الإسهام في تحقيق تنمية اقتصادية و اجتماعية و ثقافية و سياسية و التمتع بهذه التنمية التي يمكن فيها إعمال جميع حقوق الإنسان و الحريات الأساسية إعمالاً تاماً ) .
النظام الجزائري الإرهابي يعمل إذن على حجب مجموعة من الحقوق التي يكفلها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان و الإتفاقيات الدولية و من ضمنها الخاصة بالتنمية و محاربة الفقر و الفساد ، كما يعمل على كبح أي مسعى حقيقي للرفع من تلك القيمة عكس ما يروجه خارج بلاده ، الشئ الذي يضرب مصداقية دفاعه المستميت عن حقوق الإنسان في الصحراء المغربية و يجعلها مسألة سياسية و مناورة لتمرير أجندته الخارجية المرتبطة بعقيدة مبطنة تطمح إلى التوسع و الهيمنة .. بما يدل دلالة واضحة على أن هذا النظام السياسي الإرهابي الفاسد لا يدعم الحق الأساسي في المشاركة السياسية و حرية التعبير و التداول على السلطة .
ابو نعمة نسيب – كريتيبا – البرازيل