صوت الأمة:
المصطفى دراگي / حد السوالم
يقبع “دوار الصخر” الصفيحي على مقربة من الشارع الرئيسي لمدينة حد السوالم (شارع محمد السادس)، حي تتقاطع فيه مظاهر التهميش الاجتماعي مع الفقر المدقع، في صورة تختزل واقعًا مؤلمًا لفئة من المواطنين غابت عنهم أبسط شروط العيش الكريم، وأهملتهم السياسات العمومية لعقود.
المئات من الأسر في هذا الحي تقطن داخل بيوت قصديرية متهالكة، لا تقي من حر الصيف ولا من برد الشتاء. لا بنية تحتية تذكر، لا طرق معبدة، ولا شبكات صرف صحي، أما الماء والكهرباء، فهما ترف نادر الوجود. هذا الوضع لا يعكس فقط عجزًا في التغطية بالخدمات الأساسية، بل يعرّي بشكل صارخ فشلًا ذريعًا في السياسات السكنية المتبعة، وغياب إرادة حقيقية لإدماج هذه الفئات في النسيج الحضري.
لهذا،فالبطالة والتسرّب الدراسي والإدمان، وانتشار مظاهر الانحراف،والحرمان في أقسى تجلياته سرطان يستشري وسط هذا الجسد الاجتماعي الهشّ. فالشباب في “دوار الصخر” يعيشون على الهامش، بلا تكوين، بلا فرص، وبلا أمل في غد أفضل. أما النساء، فيتحمّلن العبء الأكبر، في بيئة تنعدم فيها شروط الكرامة الإنسانية، حيث يتحوّلن إلى معيلات في ظروف قاسية، وأكيد دون حماية اجتماعية أو صحية.
ما يثير الاستغراب هو الغياب شبه التام لمبادرات فعلية من الجهات الوصية. لا برامج واضحة لإعادة الإيواء، ولا خطط لإدماج الساكنة(باستثناء مقترح شقق الشعبي المتعثر) ولا حتى تواصل شفاف واضح ونزيه مع السكان حول مستقبلهم…
لا يمكن معالجة معضلة دوار الصخر بمقاربات ترقيعية و الوعود الفارغة. الحل يجب أن يكون جذريًا، مبنيًا على رؤية شمولية تُراعي الحق في السكن، مع تمكينهم من بدائل تحفظ كرامتهم وتوفر لهم شروط العيش الكريم.كما يجب فتح نقاش عمومي، تُستدعى إليه كل الأطراف: الدولة، الجماعة، المجتمع المدني، والساكنة نفسها، للخروج بخارطة طريق واضحة، تستند إلى مبادئ العدالة المجالية والحق في سكن لائق وفق التوجيهات المولوية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله في هذا الصدد.
لهذا،فدوار الصخر ليس مجرد حي صفيحي على هامش مدينة، بل هو مرآة لخلل عميق في السياسات المحلية، وناقوس خطر ينذر بتفاقم الفوارق الاجتماعية. وما لم تتحرّك الجهات المعنية، فإن الحي الصفيحي سيظل وصمة عار على جبين التنمية المحلية لحد السوالم ومسلسلا اجتماعيا عنوانه : الحرمان.