صوت الأمة:
المصطفى دراݣي/ حد السوالم
عُقدت زوال يوم السبت 12 أبريل 2025 بالمركب السوسيوثقافي – جوهرة السوالم – ندوة في موضوع :*المغرب يحاصر الارهاب … مقاربات متكاملة في خدمة الأمن والاستقرار* نظمتها “منظمة جيل تمغربيت ” بتنسيق مع المجلس الجماعي لحد السوالم،شارك فيها ثلة من الأساتذة الجامعيين إضافة إلى رئيس المجلس العلمي المحلي لمدينة برشيد ، ونسق فقراتها الصحفية شيماء عباد.كما شهدت هذه الندوة الوطنية حضورا مكثفا ترأسه سفير دولة العراق بالمغرب رفقة رئيسة المجلس الجماعي لحد السوالم والسلطات المحلية إلى جانب بعض الشخصيات و فعاليات المجتمع المدني.
يأتي هذا اللقاء في سياق إقليمي ودولي دقيق، تتعدد فيه التهديدات، وتتغير فيه أشكال العنف والتطرف، مما يجعل من موضوع الندوة “المغرب يحاصر الإرهاب” عنواناً كبيراً لا بد من الوقوف عنده بكل وعي ومسؤولية.
لقد استطاع المغرب- كما أوضح ذلك المختص في الشؤون الأمنية والاستراتيجية زكرياء أقنوش- بفضل مقاربة شاملة ومتكاملة، أن يبني درعاً أمنياً متماسكاً في وجه الفكر المتطرف، وأن يجعل من الاستباق والنجاعة أسلوباً دائماً في معالجة التهديدات الإرهابية.
وفعلا،فمنذ أحداث سنة 2003 الأليمة، تبنى المغرب مساراً حازماً، يقوم على ثلاث دعامات أساسية: الأمن الاستباقي، الإصلاح الديني، والتنمية الاجتماعية. وقد تميز هذا المسار بفعاليته وواقعيته، حيث لم يقتصر على المقاربة الأمنية فقط، بل فتح المجال أيضاً لإعادة تأهيل السجناء، ومراجعة الخطاب الديني، والانفتاح على التعاون الدولي.
وبالحديث عن الجانب الأمني، فلا بد من الإشادة بالدور البارز الذي يقوم به المكتب المركزي للأبحاث القضائية، الذي أصبح اليوم مرجعاً دولياً في تفكيك الخلايا الإرهابية، وتبادل المعلومات الاستخباراتية، بتنسيق دائم مع شركاء المغرب في أوروبا وإفريقيا.
لكن الأهم من ذلك، هو أن المغرب لم يجعل من الحرب على الإرهاب حرباً ضد أشخاص، بل ضد أفكار. لذلك، كانت إعادة هيكلة الحقل الديني خطوة شجاعة وضرورية ، فقد أصبح من الواضح اليوم – وهو ما أوضحه عبد المغيت بصير رئيس المجلس العلمي المحلي لبرشيد -أن الخطاب الديني الوسطي المعتدل هو خط الدفاع الأول في مواجهة الفكر المتشدد، خاصة في صفوف الشباب.
وفي هذا السياق، وجب تقدير مبادرات مثل تكوين الأئمة والمرشدين والمرشدات، ومراجعة مناهج التعليم الديني، وتعزيز إشعاع مؤسسة إمارة المؤمنين باعتبارها ضامناً لوحدة المذهب، وتماسك المرجعية الدينية للمملكة.
وتوزعت المداخلات الأخرى في تثمين ماسبق والتطرق للجوانب النفسية و القانونية و الاجتماعية و ارتباطها بالارهاب.
أما الجانب الثالث، فهو البعد التنموي. إذ لا يمكن أن تُحارب جذور التطرف دون مواجهة الفقر، والهشاشة، والتهميش.
لقد فهم المغرب أن الاستثمار في الإنسان هو استثمار في الأمن، لذلك جاءت برامج مثل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، ومشاريع التمكين الاقتصادي للشباب، لتقول: الأمن لا يتحقق فقط بالسلاح، بل أيضاً بالكرامة، والتعليم، والشغل، والأمل.
المملكة المغربية لا تعيش في جزيرة معزولة، فخطر الإرهاب عابر للحدود، ومن هنا تبرز أهمية الدبلوماسية الأمنية التي نهجها المغرب. فبلادنا لم تكتفِ بحماية حدودها، بل أصبحت شريكاً فعالاً في استقرار المنطقة، سواء عبر التعاون مع دول الساحل، أو المساهمة في جهود محاربة التطرف العنيف على مستوى المنتديات الدولية.
وخلاصة هذه الندوة القيمة، أن المغرب لم يهزم الإرهاب فقط، بل طوّق أسبابه، وحاصر جذوره، وأعطى للعالم نموذجاً متوازناً في كيفية التوفيق بين الحزم والإنصاف … بين الأمن والحرية…بين حماية الوطن وصيانة الكرامة الإنسانية.