صوت الأمة: المصطفى دراݣي
ودّعت الساحة الفنية المغربية صباح يوم الجمعة 2 ماي 2025، الفنان القدير محمد الشوبي، بعد صراع طويل مع المرض، ليسدل الستار على مسيرة زاخرة بالعطاء، تاركاً خلفه رصيداً فنياً يُشهد له بالتميز والتفرد.
الراحل لم يكن مجرد فنان، بل كان صوتاً صداحاً في محراب المسرح، ووجهاً مألوفاً على شاشات السينما والتلفزيون، رجل عشق الخشبة وذاب فيها، فبادلته عشقاً بعشق، ومنحته مجداً بمجد.
تفتّحت موهبة الشوبي في ربوع مراكش أواخر السبعينيات، حين كان يافعاً يشق طريقه بين فرق مسرح الهواة، متشبعاً بأحلام الفن ونكهة الفرجة. وبدافع الشغف والرغبة في الصقل، التحق بالمعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي بالرباط، ليغترف من معين التكوين الأكاديمي، ويؤسس لمسار احترافي بدأ يشعّ منذ سنة 1988، حين ولج عوالم المسرح المحترف ممثلاً ومخرجاً.
المسرح كان له وطن الروح، وملاذ الفكر، فأبدع في أعمال تركت بصمتها في الذاكرة، من بينها: «العازب» لجمال الدين الدخيسي، «صوت ونور» للطيب الصديقي، «بوحفنة» و*«أولاد البلاد»* ليوسف فاضل، و*«النشبة»* لمسعود بوحسين عن نص لأحمد الطيب لعلج. ولم يقف عند التمثيل، بل اعتلى كرسي الإخراج في مسرحيات مثل: «هيستيريا»، «المدينة والبحر»، «مرتجل»، و*«رسائل خطية»*.
أما الشاشة الصغيرة والكبيرة، فقد احتضنت موهبته أول مرة في مسلسل «أولاد الناس» للمخرجة فريدة بورقية، ثم توالت إطلالاته بين أفلام ومسلسلات وسيتكومات، منح من خلالها وجهاً إنسانياً مفعماً بالصدق لأدوار لا تُنسى، ورسم بمشاعره الصادقة لوحات فنية خالدة.
برحيل محمد الشوبي، يخسر المغرب واحداً من رموزه الفنية، وتفقد الخشبة فارساً لا يتكرر، والكاميرا عيناً صادقة لوجه الحقيقة. لكن عزاءنا في إرثه، الذي سيظل مشعّاً في وجدان أجيال من المبدعين والجمهور.