صوت الأمة: المصطفى دراݣي
في موقف مهيب يليق بجلال المبادئ، ويرتقي إلى علياء السيادة، سطّرت مصر بحروف من ذهب فصلاً جديدًا من فصول الانتصار للقانون والشرعية، معلنة انسحابها من مناوراتٍ عسكريةٍ احتضنتها الجزائر، بعدما تبيّن لها أن هذه الأخيرة قررت إشراك ميليشياتٍ انفصالية لا محل لها من الاعتراف في قاموس الأمم.
انسحاب لم يكن مجرد إجراء عابر، بل كان صفعة مدوّية، ترددت أصداؤها في أروقة السياسة، ودوّت رعودها في سماء الحسابات الضيقة. مصر، بأصالتها التي تأبى الزلل، رفضت أن تكون شاهد زور في مسرحية عبثية تُهدد السلم وتزعزع الاستقرار، لا سيما حين يكون المستهدف مغربًا شامخًا بوحدته، صامدًا بسيادته، أبيًّا في صحرائه.
مصادر دبلوماسية مطلعة أكدت أن القاهرة، حين منحت موافقتها المبدئية، لم تكن على علمٍ بنوايا جزائرية تُضمر شرًا وتُظهر ودًا، تُقحم جماعات مسلحة لا يعترف بها العالم، وتحاول تبييض صفحتها عبر بوابة تدريباتٍ عسكريةٍ رسمية، في تحدٍّ صارخٍ لأعراف السيادة ومبادئ حسن الجوار.
فأي عبثٍ هذا؟ وأي غفلةٍ تُغشي الأبصار عن الخطر الكامن في تسليح كيانٍ وهمي، وجرّه إلى ساحة المناورات كمن يجر نيران الفتنة إلى دار الجار؟
مصر، التي عُرفت بحكمتها في المواقف، وشهامتها في المحن، أبت أن تكون شاهدًا على مسرحية الانفصال، فانسحبت في صمتٍ حكيم، لكنه صمتٌ أقوى من عاصفة، وأكثر بلاغة من بيان. إنها صفعةٌ للنظام الجزائري، الذي ما فتئ يحاول إقناع العالم بشرعية سرابٍ، وتجميل وجهٍ مشوّه لا يعرف غير لغة السلاح والتحريض.
أما تونس، تلك التي لا تزال تدرس المشاركة، فهي اليوم في مفترق طرق، بين الوفاء للأشقاء، أو الانجراف في تيار المساومات. فهل تُنصت لصوت العقل؟ أم تغفو على سرير التردد؟