صوت الأمة:جلال لويزي
بمناسبة الذكرى الثانية والعشرين لميلاد صاحب السمو الملكي الأمير مولاي الحسن، واحتفاء بالموروث الثقافي واللامادي لقبائل بني عمير، وبني شكدال، وبني موسى، احتضنت جماعة الترابية كريفات بإقليم الفقيه بن صالح النسخة للمرة الأولى من المهرجان الثقافي لفن التبوريدة، من 7 إلى 11 ماي 2025، تحت شعار: “الفرس أصالة، ثقافة وتنمية”.
نظم هذا الحدث من طرف جمعية الفرس للتنمية، بشراكة مع الجماعة الترابية كريفات والجمعية الإقليمية للشؤون الثقافية والاجتماعية والرياضية بالفقيه بن صالح، وتحت إشراف عمالة إقليم الفقيه بن صالح، في إطار رؤية تنموية تروم تحريك عجلة الاقتصاد المحلي، وتنشيط الحياة الثقافية والسياحية بالمنطقة.
إحتفى هذا المهرجان بفن التبوريدة التقليدية الأصيلة، الذي يشكل أحد رموز الهوية المغربية ورافدا من روافد الثقافة الشعبية، والذي تم تصنيفه سنة 2021 من طرف منظمة اليونسكو ضمن التراث الثقافي اللامادي للإنسانية، اعترافا بما يحمله هذا الفن من دلالات تاريخية وجمالية تعكس عمق العلاقة بين الإنسان والفرس في الثقافة المغربية.
كما شاركت في هذه الدورة فرق تمثل قبائل بني عمير، بني شكدال، وبني موسى، إلى جانب فرق شرفية من جهات مختلفة، في عروض فرجوية تستحضر القوة الرمزية للفرس والهوية الجماعية للقبائل.
يتضمن هذا المهرجان سلسلة من الأنشطة الثقافية والفنية والرياضية، يأتي في مقدمتها منتدى الكفاءات المحلية ، الذي سيُخصص لمناقشة واحدة من أبرز القضايا الحيوية التي تشغل الفاعلين والمواطنين على السواء، وهي إشكالية ندرة المياه وسبل تعزيز الزراعات البديلة والمقتصدة للماء، خصوصًا في ظل التغيرات المناخية التي تهدد مستقبل الفلاحة في المناطق الداخلية. وسيشارك في تأطير هذا المنتدى عدد من الشخصيات والخبراء البارزين، من بينهم الدكتور سلاك بوعزة والدكتور عبد الصمد ملاوي، اللذان ينحدران من إقليم الفقيه بن صالح ويشتغلان في مجالات الطاقات المتجددة والمناخ، إلى جانب المهندس امحمد رياض، مهندس دولة في الصناعات الغذائية، عضو المجلس الاقتصادي والاجتماعي، ورئيس الغرفة الفلاحية لجهة بني ملال خنيفرة، الذي سيقارب الموضوع من زاوية السياسات الفلاحية والإمكانات الترابية، بما يدعم التوجه نحو فلاحة ذكية ومستدامة، من خلال عرض بعنوان: “الاجهاد المائي والتقنيات البديلة”.
كما يشهد المهرجان تنظيم معارض متعددة تشمل الفنون التشكيلية، الصناعة التقليدية، والمنتوجات المجالية، بمشاركة تعاونيات محلية ووطنية، إلى جانب فقرات تكريمية مخصصة لمهاجرين ناجحين من أبناء الجماعة، تجسيدا لقيم الاعتراف وتثمين النماذج الملهمة. أما على المستوى الفني، قدمت مجموعة من الفرق الفلكلورية عروض تمثل تنوع التراث المغربي، من بينها “الركادة” من وجدة و”الركبة” من زاكورة.
في الجانب الرياضي، سيشهد المهرجان تنظيم نصف ماراطون ومسابقة للعدو الريفي، بالإضافة إلى استقبال المشاركين في الملتقى الوطني الثالث للدراجة السياحية، وهي فقرات تروم إدماج الشباب وتشجيع الرياضة القروية كرافعة للتنمية والاندماج المجتمعي.
ويراهن المنظمون من خلال هذه التظاهرة على ترسيخ مكانة كريفات كمنطقة فلاحية ذات مؤهلات واعدة وتاريخ غني، تستحق أن تحظى بمزيد من الدعم والإشعاع، كما يسعون إلى جعل التراث رافعة حقيقية للتنمية المستدامة، وجسرا يربط الأجيال بين الماضي والمستقبل.
وفي إطار الجهود المبذولة للحفاظ على التراث الثقافي المغربي وتكريس الهوية الوطنية، أشرف الحاضرين على افتتاح النسخة الاولى من مهرجان التبوريدة بجماعة كريفات دوار الجديد عدد من الشخصيات الرسمية والمجتمعية البارزة، في مقدمتهم نورالدين الزبدي ، نائب رئيس مجلس جهة بني ملا ل خنيفرة ، رئيس المجلس الاقليمي الذكتور صلاح كمال والسيد رئيس المجلس الحضري السيد رحال مكاوي ، بالإضافة إلى رؤساء الجماعات ورؤساء المصالح بالعمالة وشخصيات مدنية وعسكرية ورجال الاعلام .
يعتبر مهرجان الاول التبوريدة من أبرز التظاهرات الثقافية التي تقام ولاول مرة بالكريفات ، مما سيجذب لسنوات المقبلة عددا كبيرا من الزوار المحليين والأجانب على حد سواء. هذا المهرجان الذي يجمع بين فن الفروسية التقليدية والتبوريدة المغربية، يعكس مدى التعلق بالتراث وحرص المغاربة على الحفاظ على هذا الإرث الثمين الذي يجسد قوة وشجاعة الفارس المغربي وعلاقته الوطيدة بالخيل.
في كلمته الافتتاحية، أكد السيد رئيس جماعة الكريفات محجوب كياس على أهمية هذا الحدث في تعزيز التراث الثقافي الوطني وتقوية الروابط الاجتماعية بين أبناء المنطقة والدواوير المجاورة . كما أشار إلى الجهود الكبيرة المبذولة من قبل السلطات المحلية والمجتمع المدني اعضاء المكتب المسير للجماعة لإنجاح هذا المهرجان وجعله من بين أفضل المهرجانات على الصعيد الوطني.
تخللت فعاليات الافتتاح عدة عروض فنية فلكلورية أبدع فيها المشاركون، حيث قدموا مشاهد رائعة تبرز مهارات الفرسان وقدرتهم العالية على التحكم بالخيل واستعراض التقنيات التقليدية التي توارثوها عبر الأجيال. هذا إلى جانب مجموعة من الأنشطة الموازية التي تهدف إلى تعريف الجمهور بالتراث المغربي وتعزيز الوعي بأهميته.
من جانبه، عبّر مدير المهرجان السيد عبد النبي كياس عن سعادته بالمشاركة في هذا الحدث، مشيدا بالجهود التي تبذلها جماعة الكريفات والسلطات المحلية في سبيل تنظيم هذا المهرجان وضمان استمراريته. وأضاف أن هذا المهرجان لا يعكس فقط الجانب الثقافي، بل يمثل أيضًا فرصة لتعزيز السياحة بالمنطقة، مشيرًا إلى الدور الاقتصادي المهم الذي يلعبه في دعم التنمية المحلية.
تجدر الإشارة إلى أن مهرجان التبوريدة بجماعة الكريفات يتضمن عدة فقرات متنوعة تهدف إلى تلبية اهتمامات مختلف الفئات العمرية، بالإضافة إلى أنشطة ترفيهية ورياضية ومعارض فنية تعرض منتجات الصناعة التقليدية والمنتجات الفلاحية المحلية.
ومع انطلاق فعاليات المهرجان، يتوقع أن تشهد المنطقة توافدا كبيرا من الزوار على مدار أيامه، حيث ستستمر العروض والمسابقات والأنشطة الثقافية إلى غاية ختام المهرجان، مما سيجعل من منطقة الكريفات العميرية وجهة مفضلة لعشاق الفروسية والتراث خلال هذه الفترة.