صوت الأمة: رشيد نشاد
في مدينة سيدي قاسم، وبين أزقتها العريقة وتاريخها الرياضي المجيد، يقف ملعب الشهيد العقيد عبد القادر العلام شاهدًا صامتًا على مرحلة مجد كروي ضائع، ومعلمة رياضية تعاني من تآكل الزمان وتجاهل الجهات المسؤولة.
هذا الملعب، الذي يُعد الأقدم والأبرز في إقليم سيدي قاسم، لم يكن مجرد أرضية معشوشبة، بل كان مصنعًا للمواهب الكروية ومهدًا لأسماء لامعة في كرة القدم الوطنية. فمنه تخرج لاعبون ومدربون كبار، كتبوا أسماءهم بأحرف من ذهب، من بينهم الإخوان العامري، حميد دحان،إخوان بن دريس، رشيد الطوسي، العربي شباك، حسن الركراكي، لوماري ، عبد الكريم بلحمر و شهباوي… ولائحة طويلة من النجوم الذين حملوا ألوان المنتخب الوطني أو تألقوا في البطولة الوطنية.
ورغم هذا الإرث الكبير، عاش الملعب أطول فترة إغلاق في تاريخه، دامت ثماني سنوات كاملة، قبل أن يُعاد فتحه جزئيًا قبل تلات سنوات فقط في وجه فريق الاتحاد القاسمي، لكن من دون أن تمسه يد الإصلاح الحقيقي. ما تم لم يكن سوى فتح أبواب، بينما بقيت الجدران والأساسات تئن من التهميش.
الواقع اليوم محبط بكل المقاييس: المدرجات المغطاة مغلقة بالكامل في وجه الجمهور لأنها أصبحت آيلة للسقوط، ولا خيار أمام عشاق الفريق القاسمي سوى التكدس في المدرجات المكشوفة، التي لا تحميهم من حر الصيف ولا برد الشتاء، ما يُقلل من جودة متابعة المباريات ويُسيء لتجربة الجمهور.
الملعب كذلك يفتقد إلى أرضية صالحة للعب، ومستودعات ملابس متهالكة، وتجهيزات أساسية مفقودة، في مشهد لا يليق بمدينة لطالما كانت خزّانًا للمواهب ومشتلًا لكرة القدم المغربية.
في ظل هذه الوضعية، ترتفع أصوات الساكنة المحلية والغيورين على الشأن الرياضي، موجهة نداءً عاجلًا إلى السيد فوزي لقجع، رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، وإلى السيد وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، قصد تأهيل هذا المرفق التاريخي وتخصيص ميزانية مستعجلة لإصلاح بنيته التحتية، وضمان عودته إلى سابق عهده، بما يليق بتاريخ المدينة وطموحات شبابها.
وفي ظل الاستعدادات الوطنية الكبرى لاحتضان كأس إفريقيا 2025 وكأس العالم 2030، يبقى السؤال المطروح بإلحاح: أليس من حق سيدي قاسم أن تنال نصيبها من مشاريع التأهيل؟ أم أن ملعب العقيد العلام سيظل خارج حسابات التطوير، رغم تاريخه وإنجازاته؟