صوت الأمة: المصطفى دراݣي
في مشهد خيّم عليه الأسى، وتكسّرت فيه القلوب كما تكسّرت الحجارة، استيقظ الحي الحسني بمدينة فاس، في الساعات الأولى من فجر الجمعة 9 ماي 2025، على فاجعة دامية تمزق نياط القلب، بعدما هوى مبنى سكني مكوّن من أربعة طوابق كأوراق خريف ذوت تحت هبوب الرياح، مخلفًا ستة أرواح أزهقت، وسبعة جرحى تتفاوت خطورة إصاباتهم.
وقد وقعت هذه الكارثة المفجعة بينما كانت الأنفاس نائمة، والأعين غافية، والأحلام تحلّق في سماء الأمان، لتتحوّل فجأة إلى كابوس مرعب سكن جدران العمارة وأرواح ساكنيها. فبلمح البصر، تحوّلت الأعشاش الدافئة إلى قبور من أنقاض، تئن تحتها الأرواح وتصمت فيها الآهات.
رجال الوقاية المدنية، يساندهم سكان الحي الأوفياء، خاضوا سباقًا مريرًا مع الزمن، بأيادٍ تحفر الأمل من بين الركام، وقلوبٍ تخفق بالخوف والرجاء، علّهم يجدون ناجين تحت الأنقاض، أو يُسعفون من لا يزال يتشبث بخيط الحياة.
من جهة أخرى، أكدت مصادر طبية من المستشفى الجهوي الغساني أن عدد الضحايا قد يرتفع، وهو ما زاد من حدة التوتر في صفوف السكان، خاصة أن عددا من الأبنية المجاورة أضحت تُنذر بالخطر، ما دفع ببعض الأسر إلى مغادرة منازلها، في مشهد يعكس حجم الرعب الذي دبّ في النفوس.
وتجاوبًا مع حجم المأساة، فتحت السلطات المحلية تحقيقًا عاجلاً، للوقوف على أسباب هذا الانهيار المأساوي، فيما لا تزال آليات الإنقاذ تواصل عملها وسط صمت ثقيل، لا يقطعه سوى صدى الحزن، وهمسات الدعاء، وصرخات الفقد.
فاس، اليوم، لا تبكي عمارة سقطت، بل تبكي أحلامًا دُفنت، وأرواحًا فارقت، وأمنًا تزلزل. رحم الله الضحايا، وألهم ذويهم الصبر والسلوان، وحمى الله ساكنة العاصمة الروحية من كل مكروه.