أخر أخبار

الزواج العابر للقارات

12 مايو 2025
A+
A-

صوت الأمة:المصطفى دراݣي
تسير الظواهر الاجتماعية كما تسير السحب، تبدأ في أفقٍ ثم تمتدّ، وما كادت الجزائر تفرغ من ضجيج الحديث عن ظاهرة الزواج بالمهاجرين القادمين من إفريقيا جنوب الصحراء، حتى طَرَقت الظاهرة أبواب المغرب، تدق ناقوس التساؤل:
هل نحن أمام حبٍّ حقيقي يتخطّى الحدود، أم مصالح متبادلة تُغلَّف بعباءة العواطف؟
في قلب المدن المغربية، بدأ المغاربة يلحظون انتشار زواج  غير مألوف: شاب مغربي يتزوّج فتاة من الكاميرون، أو فتاة مغربية تصحب شابًا من مالي إلى دار الزواج.
قصصٌ تتناقلها الألسن، بعضُها يثير الإعجاب، وبعضُها الآخر يُشعل نار الريبة والشك.

أيّ حبٍّ هذا الذي لا يفهم اللغة، لكن يفهم النظرة؟
وأيُّ مصالح تلك التي تختبئ خلف ابتسامة العاشق؟
يرى البعض أن هذا الزواج نتاج طبيعي للاحتكاك اليومي، ولانفتاح المغرب على قارة طالما نُعِتَت بـ”السمراء”، حيث تتحوّل الغربة إلى قُرب، ويصير المُهاجر جزءًا من النسيج الاجتماعي.

لكن أصواتًا أخرى تُحذِّر:
“ليس كل من طرق باب القلب، قصد الزواج وحده”، فثمة من يرى في هذه العلاقة طريقًا للهجرة أو للحصول على الإقامة، خاصة بعد صدور قوانين تُسهّل تسوية الوضعية القانونية للمهاجرين بمجرد الزواج بمواطن أو مواطنة مغربية.
في ضوء هذه الظاهرة، يجد المجتمع المغربي نفسه أمام مفترق طرق:
بين التمسك بالعادات والتقاليد، وبين قبول الآخر كيفما كان جنسه أو جنسيته.
فهل سنرى في المستقبل تزايدًا  “للظاهرة” لدرجة تصبح فيها مألوفة كما هو الحال في أوروبا؟
أم أن المجتمع سيفرض مقاومة صامتة عبر النظرة والنبذ؟
لا أحد ينكر أن الحبّ لا يعترف بجواز سفر، وأن القلوب إذا خفقت فلا سلطان عليها.
لكن في زمن المصالح، حيث يُباع الصدق ويُشترى، يصعب التمييز بين من أحبّك لذاتك، ومن أحبّك لأجل “وثائقك”.

فهل نحن أمام زمن “حب بلا حدود” أم زمن “زواج بلا جذور”؟
سؤال تُجيب عنه السنوات، وتكتبه الأقدار… على جبين المجتمعات.

تعليقات الزوار ( 0 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: