صوت الأمة
في زمنٍ تتزاحم فيه التحديات وتتربص الأخطار بالمستقبل، ينبثق من بين ركام الجمود نورُ ابتكارٍ مغربيٍّ يشعّ أملاً وأماناً. مرةً أخرى، يُثبت العالم المغربي رشيد اليزمي أن العقول التي تربّت على رمال المغرب ورضعت من لبان حضارته، قادرةٌ على أن تكتب أسماءها بماء الذهب في سجلّ العظماء.
لقد نال الدكتور اليزمي مؤخراً براءة اختراع جديدة من مكتب براءات الاختراع والعلامات التجارية الأمريكي (USPTO)، تتعلق بابتكار تكنولوجي بالغ الأهمية، يُعنى بالكشف المبكر عن “القصر الداخلي” في البطاريات، وهو الخلل الخطير الذي يؤدي إلى “الانفلات الحراري”، أحد الأسباب الرئيسية وراء حرائق وانفجارات البطاريات، لا سيما في السيارات الكهربائية.
ليس الابتكار مجرّد إنجاز تقني، بل هو نبضُ إنسانيٍّ يسبق الخطر، ويمنح المصنعين والمستخدمين فرصةً ذهبية لتفادي الكارثة قبل أن تقع. فالخلل الذي كان يستتر بين خلايا البطارية ويغدر في غفلة من الزمن، بات اليوم مكشوفاً، بفضل جهازٍ ذكيٍّ يترصّد بوادر الشرر، قبل أن يتّقد ويصير ناراً.
وقد عبّر العالم المغربي عن أهمية هذا الاكتشاف في تدوينةٍ على صفحته الرسمية، مؤكداً أن التقنية الجديدة ستُحدث تحوّلاً نوعياً في مجال السلامة الكهربائية، وتساهم في تقليص الخسائر البشرية والمادية بشكل غير مسبوق.
إنه ليس اختراعاً فحسب، بل رسالةٌ تحمل توقيع وطنٍ لا يتوقف عن العطاء، ورسالةُ عالمٍ آمن بالعلم فآمن به العلم، وجعل من مختبره سفينة نجاة. رشيد اليزمي، الذي أضاء درب العالم ببطاريات الليثيوم، يعود اليوم ليضع نقطة ضوء جديدة في بحر الظلمات التقنية، ويؤكد أن العلم إن لم يكن في خدمة الإنسان، فهو محض أوهام.
ما أن أعلن الخبر حتى علت الهامات، ورفرفت الأعلام في القلوب قبل السطوح. فهو ليس مجداً فردياً، بل زغرودة إنجاز في عرس وطنٍ يؤمن بأن الاستثمار في العقول هو الاستثمار الأذكى، وبأن البحث العلمي طوق نجاةٍ في عالمٍ لا يرحم الغافلين.
إن ما قدّمه اليزمي للعالم، يُثبت مرةً أخرى أن للمغرب أبناء ينسجون من الخيال واقعاً، ومن المعادلات حياة، وأن العبقرية حين تتعانق مع الوطنية، تولد منها ابتكارات… تُنقذ الأرواح.