أخر أخبار

المغرب يطلق خطة استراتيجية شاملة لدعم مربي الماشية وإعادة بناء القطيع الوطني

22 مايو 2025
A+
A-

صوت الأمة
في خطوة وُصفت بالنوعية والضرورية، أعلن المغرب عن إطلاق خطة ضخمة تجاوزت كلفتها 6 مليارات درهم، تهدف إلى إنقاذ قطاع تربية الماشية من تداعيات الجفاف الحاد، وإعادة تشكيل القطيع الوطني بما يضمن استمرارية الأمن الغذائي والتوازنات الإنتاجية للحوم والحليب. هذا البرنامج الاستثنائي يأتي في إطار تفاعل الدولة مع الظروف المناخية الصعبة التي أثرت بشكل مباشر على العالم القروي، ويعكس إرادة سياسية قوية لتعزيز صمود الفلاحين والكسابين.
يتضمن البرنامج إجراءات مالية غير مسبوقة، تهم إعادة جدولة وإلغاء جزء هام من ديون مربي الماشية.
فقد تقرر إلغاء 50% من أصل الدين وفوائده بالنسبة للقروض التي تقل عن 100.000 درهم، وهو ما يشمل حوالي 75% من المربين. أما القروض التي تتراوح بين 100.000 و200.000 درهم، فسيتم إلغاء 25% منها، مما سيمكن 11% من المستفيدين من تنفس الصعداء. وبخصوص القروض التي تفوق هذا السقف، سيتم إعادة جدولة سدادها مع إعفاء تام من فوائد التأخير.
ولم يغفل البرنامج الصعوبات المرتبطة بغلاء الأعلاف، حيث قررت الدولة توفير 7 ملايين قنطار من الشعير المدعم بسعر 1.5 درهم للكيلوغرام، إلى جانب 7 ملايين قنطار من الأعلاف المركبة الخاصة بالأغنام والماعز، بثمن لا يتجاوز 2 دراهم للكيلوغرام. هذا الإجراء من شأنه كبح جماح ارتفاع الأسعار وضمان تغذية سليمة للقطيع خلال الفترات الحرجة.
من بين الإجراءات الجوهرية، برز منع ذبح إناث الأغنام والماعز، للحفاظ على القدرة التناسلية وإعادة تكوين القطيع. وسيستفيد المربون من دعم مباشر بقيمة 400 درهم عن كل رأس أنثى مرقمة لم يتم ذبحها. ويطمح البرنامج إلى بلوغ 8 ملايين رأس من إناث الأغنام والماعز في أفق ماي 2026، وهو رقم يُراهن عليه لاستعادة التوازن الإنتاجي الوطني.
في بُعد وقائي، تستهدف الخطة حماية 17 مليون رأس من الأغنام والماعز عبر حملات تلقيح وفحوصات وقائية ضد الأمراض المرتبطة بالجفاف وسوء التغذية، ما يعكس وعياً استباقياً بالمخاطر الوبائية المحتملة في هذا السياق المناخي الصعب.
ويُراهن البرنامج على تكوين وتأطير المربين ميدانياً، عبر إنشاء منصات للتلقيح الاصطناعي تهدف إلى تحسين الجودة الوراثية والإنتاجية للقطيع، فضلاً عن تنظيم ورشات ومواكبة مهنية تقنية مستمرة للكسابين، مما يفتح آفاقاً جديدة نحو عصرنة القطاع وتطويره على أسس علمية.
لا تقتصر رهانات هذا البرنامج على المدى القصير، بل يتوخى تحقيق أهداف استراتيجية كبرى تتجلى في ضمان الأمن الغذائي الوطني، وتحقيق استقرار اجتماعي واقتصادي في العالم القروي، وتعزيز صمود الفلاحين أمام تحديات التغيرات المناخية.

بهذه الخطوة، يؤكد المغرب مرة أخرى التزامه العميق بسياسات التنمية الفلاحية المستدامة، وحرصه على حماية الفئات المتضررة من تقلبات المناخ، في أفق بناء منظومة فلاحية resilient قادرة على الصمود والابتكار.

تعليقات الزوار ( 0 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: