صوت الأمة: أبو ميسم
قبل شهور، ملأت منصات التواصل الاجتماعي، خصوصًا في أزقة الحارة الشرقية، عناوين من قبيل “المغرب غير جاهز لتنظيم الكان”. وكأن هؤلاء تلقوا تقريرًا سريًا من كواليس الاتحاد الإفريقي، أو ربما من كائنات فضائية مختصة في تقييم البنية التحتية للدول!
لكن المضحك – والمبكي أحيانًا – أن هذا النشيد التشاؤمي لم يبق حكرًا على الأشقاء، بل ردده بعض المغاربة أنفسهم، أولئك الذين يتقنون فن جلد الذات أكثر من حب الوطن.
هم أنفسهم الذين يقلبون في هواتفهم صور المشاريع الكبرى ثم يكتبون تحتها: “هاذ الشي غير ماشي معقول، راه فوتوشوب!”
أين اختفى صراخكم؟
اليوم، ووتيرة الأشغال تسابق الزمن في الملاعب، والطرقات، والبنيات التحتية، هل لا زلتم تقولون “المغرب ماشي واجد”؟ أم أنكم فجأة فقدتم القدرة على الكتابة؟ أم أن بطاريات الهواتف نفدت حين اشتغلت آلات الإنجاز على الأرض؟
المغرب ليس بحاجة إلى شهادتكم
دعونا نُفهمكم أمرًا بسيطًا: المغرب لا ينتظر شهادات حسن سلوك من هواة الفشل الجماعي. هو بلد يشتغل في صمت، يتعثر أحيانًا، لكنه ينهض، ويشتغل، ويُنجز، في الوقت الذي يتقن فيه البعض فن التحليل من المقاهي، أو فنون “النكير” من حسابات مجهولة الهوية.
قالوا “شوفو كأس إفريقيا 1988 كيفاش كانت”، نعم، شكرًا للتذكير! فالمغرب في 1988 نظم بطولة ناجحة بإمكانات بسيطة، وها هو اليوم يعود أقوى بإمكانات أكبر، وخبرة أوسع، وطموح عالمي لا يرضى بالقليل.
الفرق بين الأمس واليوم أن الذين شككوا في الماضي كانوا قِلّة، أما اليوم، فقد صار البعض يعتقد أن النضج هو في معارضة كل شيء، حتى الهواء إذا جاء من الغرب بدل الشرق!
تنظيم الكان ليس مباراة تنتهي صافرتها في 90 دقيقة، بل هو ورش تنموي شامل: فرص عمل، استثمارات، تسويق دولي، إشعاع ثقافي… لكن يبدو أن البعض لا يرى في الكان سوى “ركلات جزاء”، بينما المغرب يراه فرصة لصناعة التاريخ من جديد.
في الختام…
إلى من قالوا: “المغرب غير جاهز”… شكرًا، لقد رفعتم سقف التحدي، وزودتمنا بجرعة سخرية مجانية.
وإلى من رددوا الكلام نفسه من الداخل، نقول: الوطن ليس فندقًا نغادره إذا لم تعجبنا الخدمة، بل بيت نبنيه ولو تحت المطر.
وها نحن نبنيه… بالحجر، والعمل، وببعض من ابتسامة تهكم على من قالوا: “ماشي واجدين”.