أخر أخبار

ميناء الجرف الأصفر على موعد مع إنتاج “الكعكة الصفراء”

12 يونيو 2025
A+
A-

صوت الأمة: هيئة التحرير

في زمن تعيد فيه الأمم حساباتها الطاقية، ويشتد فيه السباق نحو مصادر الطاقة البديلة، يفاجئ المغرب العالم بخطوة غير مسبوقة، لا تستند إلى استعراض العضلات، بل إلى حكمة القرار وبعد النظر: بناء أول مصنع لإنتاج اليورانيوم الأصفر من رحم الفوسفاط المغربي.

إنها ليست بداية عادية، بل انطلاقة سيادية في زمن التبعية، ومغامرة علمية محسوبة، تحمل في طياتها رؤية واضحة، وطموحًا لا يخشى الصعود في سلالم الكبار.

فمن قلب جامعة محمد السادس متعددة التخصصات، وبنبض الدعم الاستراتيجي للمكتب الشريف للفوسفاط، وُلدت شركة URANEXT، شركة ناشئة بمواصفات عملاقة، تسعى اليوم إلى استثمار مليار درهم في مدينة الجديدة، لبناء أول مصنع من نوعه في تاريخ المملكة.

مصنع لا يُنتج طاقة بعد، لكنه يُنتج جوهر الطاقة القادمة: الكعكة الصفراء، أو ما يُعرف علميًا باليورانيوم المركز، وهي المادة الأولية التي تُصقل لاحقًا لتُصبح وقودًا للمفاعلات النووية، ومحورًا للتقنيات المتقدمة في مجالات تحلية المياه وتوليد الكهرباء.

العالم الآن تغيّر… ولم يعد من ينتج النفط أو الغاز هو من يملك القرار، بل من يُمسك بخيوط المستقبل، ويمتلك المادة الخام ويُتقن صناعة القيمة المضافة.

ولأن المغرب، الحاضر دوما في مفترق الطرق الجيوسياسية، يمتلك في ترابه ذهبا نوويا لا يصدأ، ويُدرك اليوم أن الفوسفاط لم يعد مجرد سماد للزرع، بل مفتاح للطاقة، وللسيادة، ولإعادة رسم الخرائط.

الخطوة ليست مجرد استثمار مالي، بل فتح لباب جديد يُفضي إلى استقلال علمي وتقني، وربط بين المعرفة الجامعية والتطبيقات الاستراتيجية.

إنها المرة الأولى التي يُحوَّل فيها الفوسفاط المغربي من مادة تُصدَّر إلى الخارج إلى مورد نووي يُستثمر في الداخل. ومتى كانت السيادة سوى القدرة على استخراج الثروة وتصنيعها في الأرض التي أنجبتها؟

يدخل المغرب نادي الدول التي تُنتج المادة النووية من مواردها الوطنية، في لحظة حساسة من عمر العالم، حيث تعاد فيها كتابة معادلات الطاقة والتحالفات.

تصبح الجامعات المغربية أكثر من صرح للعلم، بل مراكز للقرارات الاستراتيجية.

يتعزز الموقع الجيوسياسي للمغرب في إفريقيا والمتوسط، ليس فقط كمصدر للفوسفاط، بل كمشارك فعلي في بناء مستقبل نووي نظيف، ومستدام.

ما يحدث اليوم ليس مجرد إنجاز تقني، بل تحوّل في الوعي الاستراتيجي. المغرب لا يسير في طريق محفوف بالمخاطر، بل يشق طريقًا نحو المجد التكنولوجي بثقةٍ تُشبه الجبال، وبخطى تُشبه تاريخًا لا يعرف التراجع.

إنها كعكة صفراء، لكنها ليست مرّة، بل حلوة المذاق لمن يُدرك معنى السيادة في زمن التبعية. والمغرب، وهو يفتتح هذه المرحلة، لا يُراهن على الطاقة فقط، بل يُراهن على الكرامة الوطنية، وعلى مستقبلٍ يُصنع بأيادٍ مغربية خالصة.

فهل نحن أمام فجرٍ نوويٍ جديد… تُشرق شمسه من المغرب؟

تعليقات الزوار ( 0 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: