صوت الأمة: هيئة التحرير
أعلن الاتحاد الأوروبي، عبر المفوضية الأوروبية، إدراج دولة الجزائر في قائمته المحدّثة للبلدان عالية المخاطر، التي تُظهر نواقص استراتيجية في أنظمتها الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، إلى جانب دول أخرى مثل ناميبيا وفنزويلا ولبنان وأنغولا. فيما تمّ شطب دول بارزة، على رأسها دولة الإمارات العربية المتحدة والسنغال، بعد ما حققته من إصلاحات موثوقة في هذا المجال.
وقد استند هذا القرار إلى تقارير مجموعة العمل المالي الدولية (FATF)، ولا سيما قائمتها الخاصة بـ”الولايات القضائية الخاضعة للمراقبة المعززة”، ما يضفي على التصنيف الأوروبي ثقلا فنيا، ووزنا سياسيا، يضع الجزائر أمام مرآة واقع لم يعد بالإمكان تلميعه بشعارات السيادة أو شعارات “المبادئ التحررية” التي ترفعها السلطات هناك.
إن ورود اسم الجزائر في هذه القائمة لا يُعد مجرّد تصنيف تقني عابر، بل هو شهادة دولية على وجود ثغرات صارخة في منظومتها الرقابية، وتقصير مؤسساتي واضح في التصدي لمسالك تمويل الإرهاب، وهو ما طالما حذّرت منه دول الجوار، المتضررة من السياسات الجزائرية في الساحل والصحراء.
فالمغرب، الذي عانى لعقود من مؤامرات الانفصال المسنودة من جنرالات الجزائر، لطالما كشف عن التحالف الخفي بين المال المشبوه والمليشيات المسلحة، سواء في مخيمات تندوف أو عبر شبكات التهريب العابر للحدود. كما أن مالي ودول الساحل الأخرى دفعت فواتير باهظة بسبب تساهل الجزائر – بل وتواطئها أحيانًا – مع جماعات متطرفة وجبهات انفصالية، تتغذى على اقتصاد أسود، وتعمل على نسف الاستقرار في المنطقة بأسرها.
والأخطر من ذلك، أن هذا التصنيف الأوروبي يأتي في لحظة إقليمية دقيقة، حيث تتسابق الدول نحو مزيد من الشفافية الاقتصادية والامتثال المالي، بينما تواصل الجزائر العزف على أوتار الماضي، متذرعة بشعارات المقاومة، بينما الواقع يثبت تورطها في دعم كيانات خارجة عن القانون.
لقد بات واضحا أن من يغسل يديه من الإرهاب لا يبيّض صفحات الجماعات المتطرفة، ومن يريد التطور لا يموّل التخريب. ومهما حاولت الجزائر ارتداء عباءة الدولة الحامية للمبادئ، فإن التصنيفات الدولية تزيح القناع، وتكشف المستور، وتقول – بلغة لا تحتمل التأويل – إن هناك دولا لم تعد تنتمي لزمن الشفافية، بل تسبح ضد تيار الإصلاح العالمي.
فليس صدفة أن تُدرَج الجزائر بينما تُشطب الإمارات. الفرق بين من يُصلح بيته ويُطوّر مؤسساته، وبين من يُلقي التهم على الغير ليتغطى عن فشله. والتاريخ، كما يُقال، لا يرحم من خذل الحقيقة، ولا من موّل الظلام تحت عباءة النور.