صوت الأمة:المصطفى دراݣي
تصاعدت وتيرة التهديدات السيبرانية التي تستهدف المغرب، حتى أصبح البلد في قلب العاصفة الرقمية، مُحتلًا المرتبة الثالثة عالميًا خلال أسبوع واحد فقط من يونيو الجاري، وفق تقرير صادر عن منصة “هاك ماناك” المتخصصة في الأمن السيبراني.
تقرير مشترك حديث، أعدته مؤسسة الحكامة العالمية والسيادة بالتعاون مع مؤسسة كونراد أديناور (فرع المغرب وموريتانيا)، سلط الضوء على هذا التهديد المتزايد، مؤكدا أن الأمن السيبراني لم يعد ترفا استراتيجيا، بل ضرورة وطنية ملحة، في ظل تصاعد الهجمات التي باتت تستهدف البنية التحتية الحيوية، من مؤسسات حكومية وعسكرية إلى قطاعات حساسة كالأبناك والمرافق العمومية.
وأمام هذا الواقع المقلق، أوصى التقرير بتأسيس قيادة سيبرانية مغربية، تُراهن على الطاقات الشابة وتستثمر في قطاع التكنولوجيا المتنامي، مع فتح أبواب التعاون مع الحلفاء الدوليين كحلف الناتو، لبناء درع رقمي واقٍ، يذود عن السيادة الوطنية، ويحمي الحدود الرقمية من عبث العابثين وهجمات المضللين.
من جانبه، نبّه الخبير في البرمجيات، الأستاذ أنس أبو الكلام، إلى أن التحدي الحقيقي لا يكمن في غياب القوانين، بل في غياب التفعيل والتطبيق، مشيرا إلى أن بعض المؤسسات لا تزال تتهاون في أبجديات الحماية الرقمية، من قبيل تحديث الأنظمة وتكوين العاملين وتفعيل وسائل التحقق المتعددة، مما يُبقيها عرضة للاختراق والاختلال.
وبين مطرقة التهديدات وسندان التحديات، يجد المغرب نفسه مطالبًا بالانتقال من منطق ردّ الفعل إلى استراتيجية وقائية شاملة، ترسّخ مناعة الأمن الرقمي وتُرسّخ السيادة الوطنية، في البر والبحر والفضاء السيبراني، فالأمن في العصر الحديث لا يُؤخذ بالسلاح وحده، بل تُحسم معاركه بذكاء العقول، وسرعة البديهة، ورصانة التقدير.
فهل يُبادر المغرب إلى بناء جدار سيبراني متين، يُصان به أمنه ومكانته، ويصدّ به موجات الغزو الرقمي؟ الأيام القادمة كفيلة بالإجابة، ولكن اليقظة الآن باتت أكثر من واجبة… إنها واجب وطني.