أخر أخبار

مقترح لشݣر يحدث زوبعة داخل حزب الوردة

20 يونيو 2025
A+
A-

صوت الأمة

يشهد حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية زوبعة جديدة أثارتها ريح مقترح تقدّم به كاتبه الأول، إدريس لشكر، قبيل انعقاد المؤتمر الوطني المرتقب. مقترحٌ بدا في ظاهره حرصًا على توسيع هوامش التنافس، لكنه في باطنه فُسر على أنه محاولة لتحنيط الزعامة وتمديد زمن الزعيم.

ففي خطوة أثارت الجدل وجمّرت الجمر تحت الرماد، اقترح لشݣر تعديلًا في القانون الأساسي للحزب يرفع القيد عن عدد الولايات التي يمكن للعضو أن يتولاها في موقع القيادة، فاتحا الباب أمام تكرار الترشيح إلى ما لا نهاية، شريطة نيل ثقة المؤتمرين. وقد بدا هذا التعديل، بحسب مقربين، دعوة للحرية داخل البيت الاتحادي، وكسرا للأقفال القانونية التي كثيرا ما منعت الكفاءات من مواصلة العطاء.

لكن ما كادت الحروف تُعلن حتى اندلعت عاصفة الحروف المضادة. فبين من قرأ في الخطوة روحا تنافسية، هناك من قرأ فيها شبح التخليد، ونسج منها خيوطا لمسلسل من التمديد، لا يفضي إلا إلى تحنيط الوجوه القديمة وإقصاء الأجيال الصاعدة.

المعارضون لم يترددوا في وصف المقترح بأنه غلاف قانوني لمشروع شخصي، يهدف إلى تطويع النظام الداخلي بما يخدم طموحات إدريس لشكر في البقاء على رأس الحزب. وقال بعضهم إن المبادرة لا تُعبّر عن حيوية حزبية بقدر ما تعبّر عن هواجس فردية، تسعى إلى احتكار الزعامة وتكميم منافذ التجديد.

ولم تخلُ الانتقادات من نفَسٍ حادّ، إذ وصفت بعض الأصوات هذا التعديل بمحاولة لـ”تخليد الكاتب الأول”، في تعارض صارخ مع القيم التي طالما تغنّى بها الاتحاد، وعلى رأسها التناوب، وتجديد النخب، وتعزيز جسور الثقة بين القيادة والقاعدة.

لقد تأسس الاتحاد الاشتراكي من رحم النضال، ومن صلب مبادئ الوفاء للديمقراطية، والتداول على المسؤولية. فكيف لحزب كان يُنادي بعلو سقف الحرية، أن يقبل بسقف مائل نحو شخصنة الزعامة؟ أليس من الأولى، في زمن تتعالى فيه الدعوات إلى التجديد، أن نحتكم إلى ضمير المؤسسات لا ضمير الأفراد؟

إن تداول القيادة ليس فخّا يُنصب للزعماء، بل رافعة تبني جسور الأمل، وتجدد ثقة المناضلين في مشروعهم السياسي. فالأحزاب التي لا تجدد دماءها، تصبح كالأشجار اليابسة، لا تثمر، ولا تظلل، ولا تُغني من عطش التغيير.

في مهب هذه العاصفة التنظيمية، تبقى الكلمة الأخيرة للقاعدة الاتحادية، التي يُفترض أن تحتكم إلى ضميرها الجماعي، لا إلى إغراءات الشرعية الشكلية. فمؤتمرو الحزب، وهم أهل الحل والعقد، مدعوون اليوم إلى تحكيم البوصلة التي أسس عليها الاتحاد: بوصلة الديمقراطية، والتجديد، والتناوب.

أما الزعامة، فليست رداء يُفصل على مقاس الطموح الفردي، بل تكليف بمقدار ما هو تشريف، لا يليق به التمديد ما لم يكن التغيير قد تعذر.

تعليقات الزوار ( 0 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: