صوت الأمة :المصطفى دراݣي
يبدو أن موازين الرياح الجيوسياسية في القارة الأمريكية الجنوبية تجري بما يشتهي المغرب، حيث أطلت الإكوادور من نافذة الحق، لترفع صوتها عاليا: الصحراء مغربية والمغرب في صحرائه، غير آبهة بزمجرة جيران اعتادوا النفخ في رماد الانفصال.
فبعد أن كانت لسنوات طويلة مسرحا للخطاب الانفصالي ومخلبا من مخالب “البوليساريو” في خاصرة الجنوب الأمريكي، ها هي اليوم تعلن بلسان وزيرة خارجيتها، وبفصاحة الموقف لا ببلاغة الكلمات، دعمها الصريح لمغربية الصحراء ، مُغلقة أبواب التردد، ومطفئة فتائل التآمر.
فمن ظلال الحياد إلى شمس الانحياز للشرعية، سارت الإكوادور بخطى ثابتة نحو الوضوح، إذ لم يعد في عالم اليوم مكانٌ للمنطقة الرمادية، ولا موطئ قدم لمن يسبح ضد تيار الحق، مهما علا صراخه واشتد زيفه.
وإذا كانت الجزائر قد حاولت – بكل ما أوتيت من ضغط وتضليل – أن تُبقي على وهم “الجمهورية الورقية” حيّا في عقل بعض دول الجنوب، فإن صوت الإكوادور اليوم جاء صاعقًا: لا للازدواجية، لا للاصطناع، نعم للوحدة الترابية، ونعم للشرعية التاريخية.
فهذا التحول ليس مجرد موقف دبلوماسي عابر، بل هو ثمرة عملٍ دؤوب قاده المغرب بحكمة ملوكه، وحنكة دبلوماسيته، التي لم تركن إلى العنتريات، بل آمنت بأن الصمت أحيانا أبلغ من الضجيج، والحكمة أعتى من الحروب الكلامية.
وإذا كانت الأمم تُقاس بمواقفها في مفترقات التاريخ، فإن الإكوادور اليوم أبانت عن شجاعة نادرة، وقالت ما لم يجرؤ غيرها على البوح به في العلن: الوهم لا يصمد أمام الحق، والحق لا يموت وإن طال السجال.
لقد تغيرت ملامح الخريطة، وتبدلت اتجاهات البوصلة، فمن كان بالأمس يتزعم جوقة الانفصال، بات اليوم يغرد خارج السرب. ومن كان يتخندق في صف الضباب، خرج إلى نور اليقين. أما المغرب، فبقي واقفا، كالأطلس في عليائه، لا تزيده الرياح إلا ثباتا، ولا تزيده التحولات إلا بريقا.