أخر أخبار

المغرب : قطب المعادن الخضراء بين الشرق والغرب

11 يوليو 2025
A+
A-

صوت الأمة

أزاح تقرير حديث لمعهد أبحاث السياسات الإفريقية “أبري” الستار عن مكانة المملكة كفاعل محوري في سلسلة الإمدادات العالمية للمعادن الانتقالية. التقرير الذي أنجزه الباحث ستيفن دواه أجييمان، يؤكد أن المغرب لا يحوز فقط على ثروات باطنية، بل على رؤى استراتيجية تُحسن استثمارها في سياق التحول الطاقي العالمي.

ففي باطن هذه الأرض الطيبة، ترقد كنوز خضراء من الفوسفات، المنغنيز، الكوبالت، النيكل، وأخرى واعدة كـالليثيوم والنحاس، وهي معادن باتت تُعد العمود الفقري للطاقة النظيفة والتكنولوجيا المستدامة. وبفضل هذه الثروات، يحتل المغرب موقع القلب بين عملاقين اقتصاديين: الصين من جهة، والاتحاد الأوروبي من جهة أخرى، مشكّلا بذلك جسرا تجاريا يربط الشرق بالغرب.

وليس الفوسفات وحده جوهرة التاج، بل إن المغرب يُبدع في إنتاج الأسمدة الفوسفاتية، ويسير بخطى واثقة نحو تصنيع بطاريات فوسفات الليثيوم والحديد، والتي تشكل عنصراً حيويا في صناعة السيارات الكهربائية. وتُسهم هذه المعادن بنحو ربع صادرات التعدين وتُمثل 10% من الناتج المحلي الإجمالي، إلى جانب خلقها لأكثر من 49 ألف فرصة عمل، ما يجعلها رافعة اقتصادية بامتياز.

وما يُضفي على هذه الصورة رونقا إضافيا، هو الموقع الاستراتيجي للمغرب، القريب من الأسواق الأوروبية، والمتصل باتفاقيات تجارية مع الولايات المتحدة، فضلا عن تدفق الاستثمارات الصينية، التي تعزز التموقع الصناعي المغربي وتُقوي تنافسيته في السوق العالمية.

غير أن الطريق ليس مفروشا بالورود؛ فمع بروز التنافس المحتدم بين واشنطن وبروكسل وبكين للظفر بالمعادن الحيوية، يجد المغرب نفسه مطالباً بموازنة العلاقات، وإدارة التحديات الجيوسياسية بحكمة واقتدار. فبين سرعة الصين التنفيذية، وحرص أوروبا على المعايير البيئية والتنظيمية، يبقى المغرب مطالبا بالاختيار الذكي والتفاوض الموزون.

ولئن كانت الشراكات الدولية تفتح آفاقاً رحبة، فإن التقرير شدد على أهمية التنسيق والتخطيط لتعظيم الفوائد وتحقيق القيمة المضافة داخلياً، في سبيل بناء صناعة وطنية متجذرة لا تكتفي بالتصدير الخام، بل تُحول وتُصنع وتُبدع.

إنه المغرب… بلد الشمس والمعادن، بين الجغرافيا والتاريخ، يرسم مساره نحو المستقبل بخطى حثيثة، ليكون رقما صعبا في معادلة الاقتصاد الأخضر العالمي.

تعليقات الزوار ( 0 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: