صوت الأمة
عرفت منطقة أولاد يوسف، التابعة لإقليم بني ملال، مساء اليوم الجمعة، تطورًا دراماتيكيا خطيرا في مسار الاعتصام الذي يخوضه أحد الأشخاص فوق خزان مائي مرتفع (المعروف محليا بـ”شاطو”)، حيث انقلبت فصول الحكاية من مشهد احتجاجي سلمي إلى حادث اعتداء خطير كاد أن يُفضي إلى ما لا تُحمد عقباه.
فقد أقدم المعتصم، الملقب بـ”فلسطين”، على احتجاز عنصر من الوقاية المدنية، واعتدى عليه بعصا، قبل أن يُكبّله بطريقة وصفتها المصادر بـ”الوحشية”، رغم أن الضحية كان يؤدي مهمة إنقاذية نبيلة، هدفها فتح باب الحوار وإقناع المعتصم بالعدول عن اعتصامه والعودة إلى جادة السلام.
المشهد الذي كان يثير في بدايته تعاطف الساكنة وتحفيز مشاعر التضامن، تحوّل في لحظة إلى صدمة عارمة وهزة وجدانية، حيث لم تستوعب أعين المتابعين كيف انتقل “فلسطين” – الذي كان يُعرف بسلوكه الهادئ وطبيعته المسالمة – إلى تصرف عدوانيٍ أثار الذهول والقلق في النفوس.
ولم تتأخر الاستجابة؛ فقد تدخلت فرقة خاصة تابعة للدرك الملكي بسرعة البرق، لتضع حدّا لحالة الاحتجاز، وتحرر عنصر الوقاية المدنية من قبضة المعتصم، وتعيد الأمن إلى المكان الذي غطّته سحب من الخوف والاستغراب.
وبحسب مصادر من عين المكان، فإن المعتصم، البالغ من العمر حوالي أربعين سنة، ظل متمسكا منذ أول أيام الاعتصام بشعار “عاش الملك”، مؤكدا أن مطلبه الأوحد يتمثل في فتح تحقيق نزيه وشفاف في ملابسات وفاة والده، الذي كان متقاعدا حديث الوفاة، وهو الأمر الذي جعله يصعّد من احتجاجه على نحو غير مسبوق.
السلطات المحلية، من جهتها، لم تدّخر جهدا منذ بداية الاعتصام، وسعت إلى نهج الحوار، وفتح قنوات التواصل، في إطار من الحكمة والروية، إلا أن التطورات الأخيرة قلبت الموازين، ودفعت بالرأي العام المحلي إلى إعادة النظر في تعاطفه، وإثارة تساؤلات عميقة حول الوضع النفسي والاجتماعي للمعتصم، وأسباب هذا التحوّل الحاد من السلم إلى العنف.
إن ما حدث في “شاطو” أولاد يوسف يضع أكثر من علامة استفهام، ليس فقط حول واقع الاحتجاجات الفردية وحدودها، ولكن أيضا حول الحاجة الملحة إلى تعزيز منظومة الدعم النفسي والاجتماعي، تفاديا لمآس قد تنفجر بصمت، ثم تنفجر بعنف.
وفي انتظار ما ستسفر عنه التحقيقات الجارية، تبقى الواقعة درسا بليغا في ضرورة الإصغاء العميق، قبل أن تصرخ الجراح بما لا يُحتمل.