صوت الأمة: المصطفى دراݣي
هو نجم الخضراوات بلا منازع، وأمير الموائد في حر الصيف القائظ؛ إنه الخيار، ذاك النبات النديّ الذي لا تكتمل بهجة السلطة بدونه، ولا تطيب نكهة المخللات إلا بحضوره. خيار ناعم القشرة، رقيق الجوهر، غنيّ بمضادات الأكسدة، حارس أمين لخلايا الجسد، ومقاوم صامت للأمراض المزمنة.
في عالم الغذاء، بات الخيار سيدا فوق عرشه، حيث بلغ إنتاجه العالمي، بحسب منظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، نحو 98 مليون طن عام 2023، حصدت الصين وحدها أكثر من 77 مليون طن، فتربعت على القمة بلا منازع.
أما سوق الخيار ومخللاته، فقد بلغت قيمته 3.07 مليارات دولار في 2023، مرشحة للارتفاع إلى 4.5 مليارات دولار بحلول عام 2035، بنمو سنوي مركب يبلغ 3.24%، وفق شركة أبحاث السوق المستقبلية. سوقٌ يجمع بين عراقة الاستخدامات وابتكار الطهي، حيث تتقاطع النضارة مع الراحة، والصحة مع المذاق.
دخل الخيار، الطازج والمخلل، مطابخ العالم من أوسع أبوابها: من شرائح طازجة تُزين السندويشات، إلى مخللات تُضفي على أطباق اللحوم بُعدًا آخر من الطعم. وتنامى الطلب عليه بفضل الأنماط النباتية الحديثة، والزراعة العمودية، والتوزيع الذكي، في وقت صار فيه المستهلك أكثر وعيا، وأكثر حرصًا على تتبّع مصادر الغذاء النقيّ.
وفي مضمار الاستهلاك، تسيدت الولايات المتحدة المشهد بقيمة بلغت 1.4 مليار دولار، تلتها ألمانيا وبريطانيا، فيما أقبلت الشعوب الأوروبية على الخيار بشغف الذوّاقة وحكمة الحريصين على الصحة.
أما التصدير، فقد تزعمت إسبانيا قائمة الكبار بأكثر من مليار دولار، تلتها المكسيك وهولندا، فيما تسللت الأردن والمغرب بجدارة إلى نادي العشرة الأوائل، حيث بلغت صادرات المغرب 27 مليون دولار، والأردن 35.3 مليون دولار، في حضورٍ عربي يَحمل نكهة الأرض وكرم الشمس.
وعلى الضفة الأخرى، تتصدر الكويت والإمارات وقطر قائمة الدول العربية الأكثر استيرادا، لتسدّ حاجة الأسواق من هذا المنتج الحيويّ.
وهكذا، فإن الخيار لم يعُد مجرد خضار يطفو على طبق، بل صار رمزا للغذاء الذكي، وعنوانا للزراعة الحديثة، ورقمًا صعبا في سوق الغذاء العالمي، يمضي بخُطى واثقة بين حقل أخضر ومائدة عالمية لا تملّ حضوره.