صوت الأمة: هيئة التحرير
أعلن بنك المغرب أن احتياطي البلاد من العملة الصعبة بلغ نهاية يونيو 2025 ما قدره 401.7 مليار درهم، أي نحو 44 مليار دولار أمريكي، وهو رقم غير مسبوق في سجلات الاقتصاد الوطني، يشهد على حُسن التدبير وثمار التخطيط.
وما بين ثبات المؤشرات وتنوع الموارد، وبين حسن الحوكمة وقوة التوجهات، ارتفعت قيمة الاحتياطي بنسبة 10% مقارنة بنفس الفترة من سنة 2024، وهو نموّ يعكس مرونة الاقتصاد الوطني ونجاعة الخيارات الاستراتيجية المتخذة.
هذا الاحتياطي، الذي يغطي أكثر من خمسة أشهر وأحد عشر يوما من واردات السلع والخدمات، لا يُعدّ مجرّد رقم في دفتر الحسابات، بل هو سند للأمن المالي، ودرع واق أمام تقلبات الأسواق الدولية، ودليلٌ ساطع على أن المغرب يسير بثبات في درب التمكين الاقتصادي.
لم تأتِ هذه النتائج من فراغ، بل هي ثمرة تنوع حكيم في مصادر العملة الصعبة، حيث أسهمت تحويلات الجالية المغربية المقيمة بالخارج بدفئها الوجداني وعطائها السخي، إلى جانب عائدات السياحة المتجددة، وصادرات الفوسفاط التي تواصل تألقها عالميا، فضلا عن الطفرة في صناعة السيارات، التي باتت من العلامات المضيئة في الاقتصاد المغربي.
أما الاقتراضات الدولية، فقد تمت وفق سياسة رشيدة وضمن سقوف محكمة، ما أتاح تدعيم الاحتياطي دون تحميل الاقتصاد أعباء ثقيلة، في انسجام مع رؤية المغرب للسيادة الاقتصادية والاستقلال المالي.
تدل هذه الأرقام على أن المغرب لا يكتفي بمجاراة الركب العالمي، بل يسعى إلى الريادة في بناء اقتصاد متوازن ومتجدد، يحفظ للبلاد استقرارها، وللمواطنين كرامتهم، وللمستثمرين ثقتهم.
وفي ظل هذا المشهد الإيجابي، يظل التحدي قائمًا في ترسيخ الاستدامة، وتحويل هذه المكتسبات إلى رافعات للتنمية الاجتماعية والاستثمار الإنتاجي، كي لا تبقى الأرقام مجرد إنجازات محاسبية، بل تتحوّل إلى قصص نجاح تُروى، وأثر ملموس يُحسّ.
وبالتالي يُثبت المغرب، مرةً أخرى، أنه قادر على ترويض التحديات وتحويل الأزمات إلى فرص، وأنه ماضٍ في طريقه نحو اقتصاد قوي، متنوع، ومتين، محصّن باحتياطي صعب، وإرادة لا تلين، ورؤية لا تحيد عن البناء والتقدم.