أخر أخبار

طنجة المتوسط والداخلة في مواجهة موانئ إسبانيا وقطر

4 سبتمبر 2025
A+
A-

صوت الأمة: بقلم عرفات محسن

لم يعد الصراع في البحر المتوسط والمحيط الأطلسي مجرد تنافس اقتصادي، بل أصبح معركة جيوسياسية كبرى تشارك فيها دول كبرى وإقليمية، ويقف المغرب في قلبها.

الحديث عن إنشاء ميناء في غزة لا ينفصل عن مشاريع أخرى أبعد مدى. فهذا الميناء، إن تحقق، لن يكون معزولا، بل جزءا من شبكة ربط بحري تمتد حتى ميناء طنجة المتوسط، مرورا بـميناء الناظور على البحر الأبيض المتوسط. وهنا يتدخل التحالف المغربي ـ الإسرائيلي ـ الأمريكي، الذي يرى في هذا الربط فرصة لإنشاء طريق تجاري جديد يربط شرق المتوسط بغربه، ويضع المغرب في قلب حركة تبادل دولية.

المغرب لا يراهن فقط على طنجة المتوسط والناظور، بل يعمل على ميناء الداخلة الأطلسي الذي سيجعل من المملكة بوابة لإفريقيا. عندها يصبح المغرب الرابط الطبيعي بين غزة شرقا، وأوروبا وأمريكا وإفريقيا غربا وجنوبا، ما يمنحه قوة استراتيجية غير مسبوقة.

هذه التحولات تفسر توتر مدريد. فحين طلبت إسبانيا من واشنطن إدخال سبتة ومليلية تحت حماية الناتو، جاء الرد الأمريكي بالرفض. السبب واضح: الولايات المتحدة تعتبر المغرب أكثر أهمية من إسبانيا في شمال إفريقيا، خاصة بعد تحالفه مع إسرائيل، ما يجعل مدريد تخشى خسارة موقعها التاريخي في البحر المتوسط.

في مواجهة هذا الصعود المغربي، لجأت بعض الدول الأوروبية إلى ورقة فلسطين. فرنسا تلوح بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، بينما إسبانيا سبقتها رسميا. قد يبدو الأمر تضامنا سياسيا، لكنه في العمق محاولة للحفاظ على النفوذ الأوروبي في المنطقة، وعدم ترك الساحة خالصة للمغرب وحلفائه.

وسط هذه التوازنات، تدخل قطر على الخط. فهي من جهة تستثمر في الموانئ الإسبانية، ومن جهة أخرى توظف قناة الجزيرة في حملة مركزة على الموانئ المغربية، محاولة إضعاف صورتها. أي أن المال والإعلام يلتقيان معا لوقف التمدد المغربي، خاصة في شبكة طنجة المتوسط، الناظور، والداخلة.

2035… حين تكلمت الموانئ

بعد عشر سنوات، لم يعد البحر المتوسط كما كان.

طنجة المتوسط صار أكبر محطة بحرية في المتوسط والأطلسي معا، تمر عبره الحاويات من آسيا وأمريكا نحو إفريقيا وأوروبا.

ميناء الناظور أصبح نقطة ربط استراتيجية على المتوسط، يسهّل حركة البضائع ويزيد من قوة المغرب في الشمال الشرقي.

الداخلة الأطلسي تحول إلى القلب النابض لإفريقيا الغربية، مركز لوجستي للشركات الدولية.

أما ميناء غزة، فهو اليوم مجرد عقدة في شبكة التحالفات الدولية، دون أن يستفيد الفلسطينيون فعليا منه.

إسبانيا فقدت تدريجيا أهميتها البحرية، رغم الدعم القطري، بينما المغرب أصبح محور القوة البحري الجديد. البحر لم يعد مجرد فضاء أزرق، بل صار ساحة جيوسياسية حقيقية تتحكم فيها التحالفات، ويقودها المغرب من طنجة والناظور إلى الداخلة.

تعليقات الزوار ( 0 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: