صوت الأمة :بقلم : عرفات محسن
مقدمة:
في ظل تصاعد التوترات في الشرق الأوسط، تتسم العلاقات الإسرائيلية–التركية بأبعاد متعددة، تتداخل فيها الاعتبارات الأمنية مع الديناميات الإقليمية والدولية. إسرائيل تصنّف حركة حماس كتنظيم إرهابي، وتصرّح علنًا بأنها ستلاحق أعضائها في أي مكان. في المقابل، تستضيف تركيا بعض أعضاء الحركة، على الرغم من كونها عضوًا في حلف الناتو. هذه المعطيات تشكّل أرضية لتحليل السيناريوهات المحتملة للعلاقات بين الطرفين، مع التركيز على المصالح الأمنية والاستراتيجية لكل دولة.
أولًا: الأرضية السياسية والأمنية
1. إسرائيل وحركة حماس:
إسرائيل تعتبر حركة حماس تهديدًا وجوديًا. التصريحات العلنية بشأن مطاردة أعضائها عالميًا تعكس استراتيجية أمنية قائمة على الردع الشامل وفرض العقوبات الاستباقية.
2. تركيا وأعضاؤها من حركة حماس:
استضافة تركيا لأعضاء الحركة تجعلها لاعبًا إقليميًا حساسًا. وجود هؤلاء الأفراد على أراضيها يضعها أمام تحديات توازن المصالح الدولية والأمنية، خاصة كونها عضوًا في حلف الناتو.
3. الأبعاد الواقعية للمواجهة:
الدولة تصمم سياساتها وفق مصالحها وأمنها الوطني، موازنة بين المخاطر والفرص المتاحة، بعيدًا عن الاعتبارات الأيديولوجية فقط.
ثانيًا: السيناريوهات المحتملة
1. الضرب العسكري المباشر لإسرائيل ضد تركيا:
احتمال نادر، لكنه ممكن إذا اعتبرت إسرائيل وجود أعضاء حماس تهديدًا مباشرًا.
هذا السيناريو محفوف بالمخاطر على الاستقرار الإقليمي، واحتمالية إشراك الناتو، ما يجعله الخيار الأقل رجحانًا.
2. عمليات سرية داخل التراب التركي:
قد تلجأ إسرائيل إلى تنفيذ عمليات محدودة ضد قادة حماس، لتقليل الأضرار الدبلوماسية المباشرة.
هذا الخيار يوازن بين فرض العقاب وتقليل احتمالات التصعيد المفتوح.
3. الضغط على تركيا لطرد أعضاء حماس أو التضييق عليهم:
يمثل خيارًا دبلوماسيًا–اقتصاديًا، ويتيح لإسرائيل تحقيق جزء من أهدافها دون مواجهة عسكرية مباشرة.
تركيا قد تفضل التضييق بدل الطرد الكامل للحفاظ على سيادتها السياسية الداخلية وتجنب إحراج حلفائها.
4. انتظار تغير الحكم في تركيا:
إسرائيل قد تكتفي بالمراقبة والضغط الانتقائي، بانتظار أي تحول سياسي في أنقرة يسمح بتحقيق أهدافها بطرق أقل صدامية.
ثالثًا: تحليل التوازنات الإقليمية والدولية
العلاقة مع حلف الناتو:
أي تحرك عسكري ضد تركيا سيضع إسرائيل في مواجهة الحلف، لذا يجب إدارة الصراع بحذر لتفادي أزمات دبلوماسية كبيرة.
السياسة الداخلية التركية:
أردوغان يستفيد داخليًا من دعم حماس كرمز للسياسة الإسلامية الإقليمية، مما يجعل أي طرد مباشر محفوفًا بالتحديات الداخلية.
الاستراتيجية الشاملة:
القوة وحدها لا تكفي، بل يجب دمج الضغط الدبلوماسي مع الإجراءات الأمنية لتحقيق الأهداف بأقل تكلفة ممكنة، بما يحافظ على التوازن الإقليمي واستقرار العلاقات الدولية.
خاتمة:
تحليل الأرضية والسيناريوهات يشير إلى أن إسرائيل ستتبنى استراتيجية متعددة المسارات، تجمع بين الضغط الدبلوماسي، العمليات المحدودة، والمراقبة الدقيقة للتطورات الداخلية في تركيا. تركيا من جانبها ستوازن بين سيادتها الداخلية، مصالحها الإقليمية، وعلاقاتها الدولية. إدارة المخاطر بحذر والانتظار في بعض الحالات يبدو الخيار الأكثر حكمة لضمان استقرار المنطقة وتحقيق مصالح الطرفين بطريقة مستدامة.