صوت الامة :عبد العزيز وضاح.مكناس.
مرة أخرى تكشف الحكومة عن وجهها الحقيقي، بعد أن أقدمت السلطات على منع عدد من الوقفات الاحتجاجية السلمية المطالبة بتحسين الخدمات الصحية داخل المستشفيات. ورغم المنع، أبى شباب هذا الوطن إلا أن يخرجوا إلى الشوارع، رافعين شعارات مشروعة تدعو إلى إسقاط الفساد وتحقيق العدالة الاجتماعية. شعارات صدحت في كل مكان: “سلمية سلمية… بلا حجرة بلا جنوية”، وصرخة مدوية: “لا نريد كأس العالم… نريد صحة وتعليم”.
هذا الجيل الغاضب رفض بشكل واضح أن تركب أي جهة سياسية أو نقابية على موجة احتجاجاته، مؤكداً أن رسائله موجهة مباشرة إلى من بيدهم القرار. إنها رسائل تنبض بالكرامة وتكشف عمق الأزمة التي يعيشها المواطن المغربي: تراجع خطير في التعليم على حافة الانهيار، وانهيار مقلق في قطاع الصحة. إن الدفع بهذين القطاعين الحيويين إلى سوق المنافسة ليس سوى حكم بالإعدام على الطبقات المسحوقة.
حكومة الأزمات… لا حكومة الحلول
منذ مجيء حكومة عزيز أخنوش، لم يعرف الشارع المغربي سوى الاحتقان والمصائب:
إضراب وطني لرجال ونساء التعليم كاد أن يؤدي إلى سنة بيضاء.
إضراب طلبة الطب لأكثر من تسعة أشهر فشلت الحكومة في احتوائه.
فضيحة مباراة المحاماة التي اعتُبرت من أسوأ المباريات منذ عقود.
مسيرات العطش في أيت بوكماز وبني ملال من أجل حق بسيط في الماء.
الجمع المفضوح بين السلطة والمال، وما أثاره من جدل وضرب لمصداقية الفاعلين السياسيين.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل سحبت الحكومة مشروع قانون “الإثراء غير المشروع” من مسودة القانون الجنائي، ومنعت الجمعيات من التبليغ عن الفساد، وضيّقت صلاحيات النيابة العامة في قضايا المال العام.
تقارير صادمة… وحكومة صماء
كل التقارير التي أعدتها المؤسسات الرسمية حول الفساد لم تُحرك في الحكومة شعرة. الأستاذ محمد البشير الراشدي، رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، كشف أن الفساد يكلف المغرب 50 مليار درهم سنوياً، فكان جزاؤه التضييق والإقصاء.
قمع المحتجين والتضييق على الصحافة
الأدهى من ذلك، أن تدخل قوات الأمن لفض المظاهرات السلمية واقتياد المتظاهرين إلى سيارات الشرطة أمر غير مقبول بتاتاً. كان الأولى الاستماع لمطالب المواطنين بدل الرد عليهم بالهراوات. كما تعرض الصحفيون لتضييق وتعنيف لفظي وتهديد بالاعتقال ومصادرة آلات التصوير والتسجيل أثناء مزاولتهم لمهامهم التي يكفلها لهم الدستور (الفصل 28) والقانون رقم 88.13 المتعلق بالصحافة والنشر.
الوضع على صفيح ساخن
الوضع لم يعد يحتمل، والشارع يغلي. الحكماء مدعوون للتدخل قبل فوات الأوان. المطلوب اليوم من حكومة أخنوش ليس المزيد من الشعارات الكاذبة، بل تحسين أوضاع البلاد والعباد كما وعدت قبل الانتخابات. أما أساليب القمع والركل والرفس فقد أكل عليها الدهر وشرب، ولن تُسكت شعباً قرر أن يصرخ في وجه الظلم: “نريد صحة… نريد تعليم… نريد كرامة”.