صوت الأمة : المصطفى دراكي
في خضم التحولات الكبرى التي يشهدها المغرب، والآفاق الواعدة التي تلوح في الأفق مع اقتراب موعدي كأس الأمم الأفريقية 2025 وكأس العالم 2030، تطفو على السطح محاولات يائسة لتقويض هذه المسيرة المباركة. محاولات لإرباك المسار وإضعاف العزائم، لا تحمل من الحكمة شيئا، ولا من المروءة نصيبا، تقودها جهات معروفة بعدائها التاريخي للمملكة الشريفة، وعلى رأسها النظام العسكري الجزائري عبر جهازه DRS، الذي ما فتئ يستثمر في معاول الهدم، حين عجز عن بناء أي مشروع جامع داخل حدوده. ومستعملا أساليب خسيسة تسعى إلى زرع بذور الفتنة في تربة وطنية لو ولن تنبت فيها سوى أشجار الولاء والانتماء.
فمن خلال حملة تضليلية ممنهجة، أطلق هذا النظام عبر جيوشه الإلكترونية، ذبابا رقميا يحمل أقنعة مغربية، يندس في النقاشات ويحرض الشباب على التظاهر والتشكيك في المشاريع الوطنية. حسابات وهمية تسعى إلى بث السموم الفكرية، وتتقنع بأسماء مغربية، وتضع صورا لفرق رياضية وطنية، لتندس بين أبناء الوطن وتحرض على الفوضى والتظاهر، وتشكك في المشاريع التنموية الكبرى التي انطلقت استعدادا لاحتضان كأس العالم 2030، بشراكة ثلاثية واعدة. لكن هذه الأقنعة، وإن تقنعت بلباس الداخل، ففضحتها نواياها، لأن من يعرف المغرب، يدرك أن هذا الوطن لا تحركه الحسابات المسمومة، بل تبنيه الأيادي النظيفة والنفوس الغيورة.
ولأن المغاربة أوعى من أن تنطلي عليهم هذه الألاعيب، فإنهم – بمختلف مشاربهم وتوجهاتهم – جسدوا مرة أخرى تشبثهم العميق بملكهم محمد السادس، وبالمؤسسات الوطنية، المدنية والأمنية منها، إيمانا بأن قوة الوطن في وحدة صفه، وتلاحم قيادته وشعبه. فهذا الرباط المقدس بين العرش والشعب هو الصخرة التي تتكسر عليها كل مؤامرات الحاقدين.
لكن، الواجب اليوم يقتضي منا جميعا الحذر، ليس فقط من الذباب الإلكتروني العابر للحدود، بل أيضا من الذباب المحلي، الذي يندس بين الصفوف، ويختبئ خلف شعارات زائفة، ويتغذى على الفتنة والتضليل. هؤلاء الذين باعوا ضمائرهم في سوق الارتزاق الرقمي، لا يختلفون كثيرا عن أولئك الجالسين في مراكز التوجيه العدائية. فكلاهما وجهان لعملة الخيانة، وإن اختلفت اللهجات.
والمؤسف أن بعض هذه الحسابات تدار من داخل الوطن بأيد مأجورة، هدفها التشويش، وإثارة الغضب، وتقديم “خدماتها” للخصوم لقاء دراهم معدودة. إنها وجوه من جشع لا يردعه انتماء، ولا تردعه مصلحة وطن، ترى في التحريض ربحا، وفي العبث وسيلة للظهور.
ورغم كل هذه الرياح المعاكسة، يبقى المغرب ماضيا في مسيرته، صامدا بأبنائه، صاعدا بمشاريعه، مستندا على وعي مجتمعي بدأ ينضج أكثر فأكثر، ويفرز الغث من السمين، والوطني من المتسلق.
فكأس إفريقيا القادمة، ثم كأس العالم 2030، مناسبتين رياضيتين و اختبار لقدرة الأمة على التلاحم، ومناسبة لإبراز الوجه الحقيقي للمغرب المتنور، المنفتح، الموحد.
وإذا كان الغدر طبع من تربى على الرصاص، فإن الوفاء دأب من تربى في مدرسة الوطنية المغربية.