صوت الأمة : المصطفى دراكي
أعلن المجلس الجماعي لحد السوالم عن توفير حافلتين لنقل الطلبة الجامعيين نحو مدينة سطات، مبادرة تجسد روح المسؤولية الاجتماعية، وتبرز اهتمام المجلس بشباب المدينة الذين يحملون مشعل العلم والمعرفة. هي بادرة طيبة تنعش الأمل في نفوس الطلبة، وتؤكد أن العمل الجماعي حين يتشح بلباس النية الصادقة، يثمر نفعا عاما يطال الجميع.
غير أن السؤال الذي يطفو على سطح هذا القرار، كفقاعة لا يمكن إغفالها: هل سيقتصر النقل الجامعي على طلبة سطات وحدهم؟
فكما هو معلوم، فإن أبناء حد السوالم بعد حصولهم على شهادة البكالوريا، يُوجَّهُون إلزاميا إلى جامعة الحسن الأول بسطات إذا اختاروا التخصصات العلمية، بينما يلزم نظراؤهم من طلبة الآداب والعلوم الإنسانية بمتابعة دراستهم في جامعة أبي شعيب الدكالي بالجديدة.
وهنا تتبدى المفارقة، وتلوح في الأفق علامة استفهام كبيرة:
ألا يستحق طلبة مدينة الجديدة ما ناله زملاؤهم من دعم ومساندة؟
أم أن النقل الجامعي فرض كفاية، إذا استفاد منه طلبة سطات سقط عن باقي الطلبة؟
إن العدالة المجالية تقتضي أن ينظر إلى جميع الطلبة بعين واحدة، لا تفرق بين طالب علمٍ هنا وطالبة معرفة هناك. فالعلم لا يُوزَّع بالانتماء الجغرافي، ولا يقاس بعدد الكيلومترات الفاصلة بين المدن. ولئن كانت حافلتان قد وُجِّهَتَا إلى سطات، فلتُوجَّه ثالثة نحو الجديدة، إكراما لتلك الفئة التي تشد الرحال كل صباح في سبيل التعلم، وتعود مع المساء حاملة عناء المسافة وأمل الغد.
إن العدالة في النقل الجامعي واجب أخلاقي وإنساني. فطلبة حد السوالم، سواء اختاروا درب القانون أو طريق الأدب، هم أبناء المدينة نفسها، وتحت رايتها يجتمعون، ولخدمتها يسعون. وإن من القسطاس المستقيم أن يتقاسم الجميع ثمار المبادرة دون تمييز أو تفضيل.
فلتكن بادرة المجلس نواة عدل متكامل، لا شرارة جزئية تضيء جهة وتطفئ أخرى.
وليت شعري، كم يكون جميلا لو اتسعت دائرة الإنصاف لتشمل الجميع، فيسير طلبة حد السوالم – على اختلاف تخصصاتهم – في طريق واحد نحو مستقبل مشرق، لا تعكره فوارق المكان، ولا تظلمه قرارات الانتقاء.