
صوت الأمة : عبد الاله كبريتي
من ذا الذي يستطيع أن يطلق حملة دعائية تروج لبلد بأكمله، دون أن ينفق درهما واحدا، بل ويحصد في النهاية كأسا يتلألأ أمام مليارين وثمانمائة مليون مشاهد حول العالم؟ لا مكتب إعلانات قادر على ذلك، ولا ميزانية تسويقية توازي قيمته. إنه المجد الرياضي، حين يتحول إلى أقوى حملة تسويق وطني مجانية، تعيد رسم صورة الوطن في ذاكرة الشعوب.
قد يتساءل البعض بمرارة: وما نفع هذه المشاهدات إن كانت البلاد ما تزال تعاني من ضعف التعليم ونقص الخدمات الصحية؟ سؤال مشروع، لكن جوابه أعمق من ظاهره. فحين يسطع نجم الوطن على المنصات الدولية، تتدفق الأنظار نحوه: سياح، مستثمرون، وشركاء يرون فيه بلد الفرص والطموح. وهكذا، يعود صدى الإنجاز ليصب في شرايين الاقتصاد الوطني، ويمتد أثره ليقوي ميزانيات قطاعات حيوية، منها التعليم والصحة.
غير أن المجد وحده لا يكفي إن لم يصن بالتدبير الرشيد. فالفساد، مهما تزينت أمامه المنجزات، يبقى كالطفيلي الذي ينخر جسد التنمية فيضعفها. لذلك، فإن مطلب إسقاط الفساد ضرورة وجودية لضمان استمرارية البناء وتحصين ما تحقق من إنجازات.
ولعل ما قام به جيل Z في الشيلي دليل واضح على قدرة هذا الجيل على الجمع بين الاحتجاج البناء والإبداع الخلاق. إنهم لا يكتفون برفع الشعارات في الشوارع، وإنما يصنعون التغيير بأفكار ومبادرات تعيد للوطن روحه.
إن اللحظة التي يرفع فيها الوطن كأس النصر صورة رمزية لوطن يريد أن ينهض، ويستحق أن ينهض. ويبقى الرهان الحقيقي في أن نحافظ على هذا البريق، لا بالأهازيج، بل بالإصلاح والعمل والشفافية.
