أخر أخبار

القرار الأممي 2797.. انتصار الدبلوماسية المغربية وصفعة للخصوم

1 نوفمبر 2025
A+
A-

صوت الأمة : المصطفى دراكي

لم يكن فجر القرار الأممي رقم 2797 سوى تتويج لمسار طويل من الصبر الدبلوماسي والحكمة الملكية، مسار امتد لنصف قرن من الثبات على المبدأ، والإيمان بعدالة القضية الوطنية. قرار جاء ليؤكد للعالم أجمع أن الحق لا يضيع ما دام وراءه وطن وفي وملك رؤيوي وشعب متشبث بثوابته حتى النخاع.

لقد كرس القرار منح الأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية حكماً ذاتيا تحت السيادة المغربية، وهو ما يعد بمثابة شهادة دولية على عدالة الموقف المغربي ونبل مسعاه. بهذا القرار، طويت صفحة الوهم الذي نسجته جبهة البوليساريو وصنيعتها الجزائر، تلك التي أنفقت المليارات لإذكاء نار الفتنة وتقسيم الجار، غير أن الريح جرت بما لا تشتهي سفن العسكر، فانهار البناء الهش على رؤوس أصحابه.

لقد جاءت الصفعة الدبلوماسية موجعة، فبعد أن أيد القرار إحدى عشرة دولة، وعارضته ثلاث، وامتنعت الجزائر عن التصويت، بدا المشهد الدولي كأنه يقول بصوت واحد: الصحراء مغربية، شاء من شاء وأبى من أبى.

غير أن العظمة في الموقف المغربي لا تتجلى في الانتصار، وإنما في سلوك المنتصر؛ فبعد صدور القرار، دعا جلالة الملك محمد السادس نصره الله إلى حوارٍ أخوي بناء مع الجزائر، ونبذ الخلافات، وتغليب منطق التاريخ والمصير المشترك على منطق الحسابات الضيقة. إنها سياسة اليد الممدودة، التي تقابل الحجارة بالزهر، والخصام بالدعوة إلى الوئام، وهو ماينم عن سمو الخلق المغربي ورقي ديبلوماسيته.

أما أبناء الصحراء المغرر بهم، فقد دعاهم جلالته إلى العودة إلى أحضان الوطن الأم، والمساهمة في مسيرة التنمية والبناء، لأن المغرب ليس حضنا يقصي، وإنما صدر يتسع للجميع.

وفي المقابل، بينما كانت المدن المغربية تتلألأ فرحا بهذا القرار التاريخي، خرجت أبواق الجزائر الإعلامية تبحث في ثنايا النص الأممي عن ثغرة تخفف من وطأة الهزيمة، وترمم ما تبقى من صورة باهتة. لكن هيهات؛ فالحقيقة ناصعة كالشمس، لا يغطيها غبار الادعاء ولا دخان الدعاية.

لقد أثبتت المملكة المغربية من جديد أن القوة في الشرعية، وفي الحكمة. فالدبلوماسية المغربية، بقيادة جلالة الملك، حولت معارك الأمس إلى فرص للتقارب، وصراعات الماضي إلى جسور نحو المستقبل.

ويمكن القول إن القرار 2797 ليس نهاية معركة، بل بداية مرحلة؛ مرحلة البناء، والوحدة، والانفتاح على الغد بثقةٍ راسخة. ولعلّ التاريخ سيذكر أن المغرب، حين انتصر، لم يطغَ، بل دعا إلى الصلح، وأنه حين قهر خصومه، لم يُهنهم، بل ناداهم: هلمّوا لنبني المغرب الكبير، فالأرض تسع الجميع، والوطن أولى بأبنائه من خصومات العدم.

تعليقات الزوار ( 0 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: