أخر أخبار

مكناس: أمٌّ مغربية تبحث عن قوت أطفالها من بقايا الطعام

3 ديسمبر 2025
A+
A-

صوت الامة :وضاح عبد العزيز:مكناس

يقف القلم عاجزًا أمام بعض المشاهد التي تخدش قلب الإنسان قبل عينه، وتضعنا وجهاً لوجه أمام واقع مؤلم تعيشه أسر كثيرة في صمت… لكن قصة هذه الأرملة الشابة، أمّ لثلاثة أطفال، حملت من المأساة ما يعجز اللسان عن وصفه.

البنت الكبرى تتابع دراستها في السنة الأولى من التعليم الثانوي، بينما أصغرهم طفل في الثانية ابتدائي. ثلاثة وجوه بريئة لم تعرف من الحياة إلا الفقد والحرمان. الأم تروي أنها بكت مرتين: الأولى يوم رحيل الزوج،عن بيته وأبنائه والثانية يوم رأت نفسها عاجزة عن توفير لقمة كريمة لأبنائها.

المشهد الذي هزّ مشاعري حدث عندما دخلت السيدة للعمل في البيت للمساعدة وغسل الأواني. وعندما هممتُ برمي بعض بقايا الطعام، استوقفتني بصوت منكسر:

“عافاك… ما ترميهش، عطيني ياه، نديه لوليداتي ياكلوه.”

تجمد الزمن للحظة… مشهد لا يُنسى. كيف لأمٍّ في بلد الكرم والجود أن تجد نفسها مضطرة لإطعام أطفالها من بقايا الطعام؟ كيف وصلت إلى هذا الحال؟

وبعد حديث مطوّل، كشفت السيدة عن واقع مؤلم عاشته منذ سنوات. فقد تزوجت وسكنت في بيت مملوك لأسرة الزوج، لكن خلافات زوجية دفعت الزوج إلى هجر البيت تاركًا إياها وحدها تواجه الحياة وتحمل مسؤولية أطفال لم يكتمل وعيهم بعد. خرجت للعمل بكرامة، رافضة كل المغريات التي قد تحيد بها عن الطريق الحلال، متنقلة بين البيوت بحثًا عن ما يسدّ رمق صغارها.

لكن المصائب — كما تقول — لا تأتي فرادى. فبعد وفاة الزوج، رفعت أسرةُ الزوج دعوى قضائية لإفراغها من البيت. وفعلاً صدر الحكم… واليوم تقف هذه السيدة أمام سؤال مصيري:

إلى أين ستذهب بثلاثة أطفال بلا مأوى ولا سند؟

تقول وهي ترتجف خوفاً:

“كانخاف يجي نهار وينفذو عليا القرار… فين غادي نمشي؟ فين غادي ندي وليداتي؟”

اقترحتُ عليها تصوير حلقة لتسليط الضوء على معاناتها، لكنها رفضت خوفاً على نفسية ابنتيها من التنمر داخل المؤسسة التعليمية. احترمت قرارها، ووعدتها أن يصل صوتها عبر القلم… فارتسمت دمعة حارقة على خديها قبل أن تقول:

“الله يجازيكم بالخير… ما عندي غير الله وقلوب الرحمة.”

وجريدة صوت الأمة — صوت من لا صوت له — تتوجه اليوم بنداء صادق إلى المحسنين، إلى أصحاب القلوب الرحيمة، إلى كل من يستطيع تقديم يد العون لهذه الأم وأطفالها:

مأوى يحفظ كرامتهم، وعمل يضمن لهم لقمة عيش حلال… ليس بالكثير على بلد قدّم أروع صور التضامن في زلزال الحوز، من طنجة إلى الكويرة.

نسأل الله العلي القدير أن يفرّج هم المهمومين، وأن يجعل من أهل الخير مفاتيح رحمة تُنقذ هذه الأسرة من الضياع.

تعليقات الزوار ( 0 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: