
صوت الأمة: المصطفى دراݣي
في الوقت الذي ينتظر فيه من البطولات العربية أن توحد الصفوف وتقوي الأواصر بين الشعوب، فوجئ الرأي العام الرياضي بما جرى في برنامج “المجلس” من تصريحات كشفت ــ للأسف ــ عن نبرة تحامل لا تليق بروح الرياضة ولا بقيم الأخوة العربية. فبدل أن يكون الميكروفون جسرا للتقارب، تحول إلى منبر تلقى منه اتهامات لا أساس لها من الصحة، وتروج عبره مغالطات تاريخية ووقائع مجانبة للحقيقة.
فقد ادعى أحد الضيوف أن المنتخب البرازيلي فاز على المغرب عشر مرات، والحقيقة – كما يعلم المتتبعون – أن المنتخبين التقيا فقط ثلاث مرات:
مرتان فازت فيهما البرازيل عامي 1997 و1998، ومرة واحدة فاز فيها المغرب سنة 2023. كما لم يتوقف الضيف عند هذا الحد، بل مضى إلى حد الادعاء بأن الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم زورت أعمار لاعبي المنتخب الشاب، وهو اتهام خطير لا يصدر إلا عن شخص استبدل لغة المنطق بلغة التجني، ولغة الإخاء بلغة الافتراء.
والمؤسف أن هذه العبارات جاءت من شخص يعلم يقينا أن الشعب المغربي يكن احتراما كبيرا لدولة الكويت وشعبها، وأن العلاقات بين الشعبين كانت دائما مثالا في الود والاعتزاز المتبادل. غير أن هذا الصوت النشاز اختار أن يعزف خارج السرب، محاولا زرع الشقاق بين عرب آسيا وعرب إفريقيا، وكأن العروبة تقسم كما تقسم الخرائط!
فهل بلغ بنا الأمر حد أن يصبح نجاح المنتخب المغربي ــ الذي وصل إلى ما لم يصل إليه أي منتخب عربي في التاريخ الحديث ــ سببا للحقد بدل الفخر؟ وهل صارت الإنجازات دافعا لإذكاء “عقدة” تجاه كرة شمال إفريقيا التي أثبتت حضورها بقوة على الساحة العالمية؟
وسط هذا اللغط، برز صوت الإعلامي المغربي عادل الرحموني ثابتا كالطود، صريحا كالحق، دافع بشراسة عن المنتخب وعن المغرب دون تجريح ، مذكرا بأن كلمة “عرب” لا تجزأ، وأن العروبة إذا قسمت ماتت، وإذا اتحدت سمت وارتقت. لقد أطفأ بنبرة العقل نار التفرقة، ورد الحجة بالحجة، والادعاء بالبيان.
إن ما حدث في “المجلس” هو جرس إنذار يدعو إلى إعادة ضبط بوصلة الخطاب الإعلامي العربي. ومسؤولية تلزم كل من يمسك بالميكروفون ويحمل لقب “إعلامي”.
فكما نقول دائما : الرياضة تبقى جسرا لا جدارا، وفضاء للمتعة لا ساحة للبغضاء. والمنتخب المغربي سيواصل مسيرته شامخا، لا تهزه اتهامات عابرة ولا تصريحات جوفاء، فالحقيقة كالشمس… لا تحجب بهذيان حتى وإن علا صوته.
