صوت الأمة: اعداد حبيبة زوغي.
اليوم العالمي للمرأة 8 مارس، عيد النساء يوم للاعتراف بمنجزات المرأة ; وبأحلامها وآمالها التي ترفرف في سماء الحياة بكل مشاربها واتجاهاتها. في بعض الدول يعتبر 8 مارس يوم عطلة للنساء .8 مارس هل هو فعلا يوم تعبر فيه المرأة عن مطاليها وأحلامها و عن الإكراهات التي تعثر خطوها؟ أم أنه يوم كباقي أيام السنة، يعبر نهر الحياة فلا يغير من رتابتها شيء. يوم جد عادي لا شيء فيه يستحق الذكر. أم أنه مجرد وردة تهدى للنساء؛ وردة سرعان ما تذبل وتنتهي مدة صلاحيتها.
حينما ننصت لنبض الشارع نسمع صراخ نساء واستنكار أخريات؛ وسط هذه العتمة وهذا الضباب الذي يحجب الشمس نصادف امرأة تسرق منها حياتها عنوة بسبب وبغيره؛ وفي ردهات المجتمع تقبع نساء يمسحن دموعا سببها نساء أخريات.
ماذا تنتظر النساء من 8 مارس؟ هل هذا اليوم محطة تقييمية للماضي و للآتي؟ . هل حققت النساء ذواتهن أم ما زالت مقاربة النوع وصمة عار على جبين بعض المؤسسات.
لم نتحرر بعد من كون المرأة مجرد جسد؛ جسد يجب طمره وإبعاده عن اﻷنظار. من خلال استطلاع راي باقة من النساء و ثلة من الرجال سنحيط بهذا الموضوع و نقترب أكثر من تمثلات هذا اليوم الذي ربما لا تعيره عدة نساء أية أهمية أو اعتبار.
………….
المفروض أن تكون المسألة النسائية في صلب الاهتمام والانشغال اليوميين لمختلف الفاعلين في الحقل المجتمعي، وأن تشكل إشكاليات النهوض بأوضاعها، اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا وتربويا وقانونيا وثقافيا، قضية وطنية تحظى بالأولوية على غرار بقية القضايا الوطنية الحيوية والإستراتيجية، يوميا وليس مناسباتيا. أما 8 مارس، فهو مجرد محطة رمزية، إن لم أقل احتفالية.
ومع ذلك، فهو يظل يوما لتأمل الإنجازات المحققة وخيبات الأمل، ورصد الطموحات المستقبلية والتحولات الراهنة. يوم لطرح مجموعة من التساؤلات عن واقع المرأة وعن التحديات التي تواجهها. يوم لقياس مدى تقلص الفجوة بين الجنسين أو اتساعها.
أجل، المرأة المغربية بصفة خاصة، صارت حاضرة في المجتمع المدني والسياسي، بعد أن انتزعت مكاسب في مستوى كرامتها إلى هذا الحد أو ذاك. وقد أبانت عن كفاءتها في مواقع الريادة، وعن قدرتها في تدبير الشأن العام كلما أتيحت لها فرصة الوصول إلى مراكز القرار. لكن ما تم تحقيقه إلى حد الآن لا يرقى إلى المستوى المطلوب والبشرية في رحم الألفية الثالثة، ورهان المساواة يظل مطروحا بإلحاح نظرا لأنه مرتبط عضويا بطبيعة المجتمع العربي حيث السيادة للعقلية الذكورية، وليس فقط بترسانة الإصلاحات القانونية والتنظيمية والمؤسساتية.
وثمة إشكالية، بل جريمة مع سبق الإصرار والترصد تثيرني بشكل شخصي، هي تزويج القاصرات الذي يبقى مستفحلا في المجتمع المغربي رغم التقنين (الإيجابي إلى حد ما) الذي حملته المدونة الجديدة في مجال الزواج. وأتمنى من كل قلبي أن يتم القضاء على هذه الظاهرة بشكل نهائي، وأن يكون هذا المسعى في صدارة المطالب الأساسية لما بعد 8 مارس 2022، علما أن إنفاذه يستلزم ثورة ثقافية وسلوكية فعلية، ويتطلب كثيرا من الجرأة للقطيعة مع “اغتصاب القاصرات شرعيا”. دون إغفال التعبئة الشاملة لمحاربة التحرش والاستغلال الجنسيين اللذين فاحت روائحهما المقززة والمتخلفة حتى في رحاب بعض المؤسسات الجامعية، ما يشكل ذروة استغلال السلطة وتوظيف موقع “أكاديمي” للأسف لتلبية رغبة حيوانية.
كما أنني أكاد لا أقف عند نقطة رجل أو امرأة على مستوى ما يواجه البلاد والعباد من تحديات راهنة ومستقبلية، لعل أبرزها سؤال: “أي مغرب سنورث للأجيال الشابة؟”، ذلك أننا كلنا، على هذا المستوى، كائنات بشرية تستحق حق التمتع بإنسانية غير منقوصة وبمواطنة كاملة. لكن شتان ما بين الموقف الشخصي والواقع المعاش، إذ يشيد المجتمع التمايزات بين مكونيه الذكوري والنسائي بناء على النوع في إطار مختلف مؤسسات التنشئة الاجتماعية، بل وانطلاقا من أولى لبناتها، أي الأسرة والمدرسة.
مينة الأزهر
شاعرة وفاعلة جمعوية
آزمور / المغرب