صوت الأمة
برشيد : المصطفى دراݣي
في أجواء من الحماس التربوي والاهتمام المجتمعي، احتضنت المدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية ببرشيد، يوم الإثنين 28 أبريل 2025، مائدة مستديرة وازنة، نظمتها المديرية الإقليمية لوزارة التربية الوطنية ببرشيد بشراكة مع مؤسسة التفتح للتربية والتكوين، في مستهل فعاليات النسخة الثانية من المهرجان الثقافي المنعقد من 28 أبريل إلى 2 ماي 2025، تحت عنوان بليغ ومفعم بالدلالات: “الأسرة والتربية نحو بناء وعي جماعي لمستقبل مستدام: المسألة المائية والإدمان الرقمي بين التحديات والرهانات.”
تظاهرة رائدة، نسجت خيوطها أيدٍ تربوية خبيرة، وجمعت تحت سقف واحد أصواتاً من مختلف الآفاق، ليتقاطع فيها التربوي بالاجتماعي، وتتناغم فيها أصداء العلم مع نبض الواقع، في حوار رصين يروم استنهاض الوعي الجماعي، وترسيخ ثقافة الاستدامة، وتحصين الناشئة من مخاطر الاستهلاك العشوائي للماء، والانغماس في مستنقع الإدمان الرقمي.
وقد اضطلعت لجنة تنظيمية مشكلة من أطر المديرية الإقليمية ومؤسسة التفتح بمهمة التنظيم والاستقبال، حيث تكفل السيد هشام زيزان رئيس مصلحة الشؤون التربوية بتيسير أشغال الجلسة، في حضور لافت لتلميذات وتلاميذ المؤسسات التعليمية العمومية، مصحوبين بمؤطريهم، مما أضفى على اللقاء طابعا تشاركيا وتربويا بامتياز.
جاءت المداخلات الفكرية التي أثثت فضاء هذا اللقاء مثقلة بالمعاني، مترعة بالدروس، موجهة نحو المسار الإصلاحي المنشود. وقد افتتح الأستاذ حسن فريد سلسلة التدخلات قائلاً: “الماء نعمة النعم يجب المحافظة عليه”، فبكلمة موجزة وموجعة، وضع يده على الجرح النازف، مذكّراً بحكمة الأجداد وصرخة الأجيال.
أما الأستاذة هدى طالبي، فقد أبحرت في سبر أغوار العلاقة بين الإنتاج والاستهلاك، مؤكدة أن “الوعي بشروط إنتاج الماء واستهلاكه مدخل لتعديل السلوك”، في دعوة واضحة إلى إعادة النظر في علاقتنا اليومية بهذه المادة الحيوية.
وفي خضم الثورة الرقمية، جاءت مداخلة الدكتورة طامو أيت مبارك محملة بالأسئلة الجادة عن دور الأسرة أمام المد الرقمي، تلتها الدكتورة خديجة غلامي التي قدّمت أرقاماً صادمة وتشخيصاً دقيقاً لواقع “الإدمان الرقمي في الأسرة المغربية: الواقع في أرقام وتحديات المستقبل”، مُسلطة الضوء على ثنائية الانبهار والتحدي.
بينما دعت الدكتورة حنان بوكطاية إلى قراءة المسألة المائية من زاوية سوسيولوجية، معتبرة إياها “أفقاً للتفكير بين التدبير والتثمين والاستدامة”، لتختم الدكتورة سكينة يبوري بسردية مؤثرة عن الأسرة كحاضنة أولى للقيم، مؤكدة أن “الأسرة رافعة للتربية والإدماج الاجتماعي”.
واختُتمت أشغال هذه المائدة الفكرية بتوزيع شواهد الشكر والتقدير على المشاركين، في لحظة امتنان واعتراف، تعكس روح التعاون والتكامل، وتترجم الجهود المبذولة في سبيل النهوض بالشأن التربوي والتنموي محلياً ووطنياً.
إنه حوار المستقبل، بل نداء المستقبل، صاغته الكلمة، ونقلته الحكمة، ورعته التربية، لتنهض الأسرة من جديد بدورها التاريخي، وتغدو شريكة في بناء وطن يحيا بالماء، ويتنفس القيم، ويستنير بالعلم.