صوت الأمة
في تصعيدٍ خطير يعيدُ إلى الأذهانِ أصداءَ الحروبِ القديمة، ويوقظُ جراحًا لم تندمل، أعلن الجيشُ الباكستاني صباحَ اليوم الخميس عن إسقاطِ خمسٍ وعشرين طائرةً مسيّرةً إسرائيليةِ الصنع، زُجَّت بها الهند إلى سماء التوتر منذ مساء الأربعاء، في مشهدٍ يؤذنُ بانفجار وشيك بين القوتين النوويتين.
وفي بيانٍ رسمي، نطق الجيش الباكستاني بلغةٍ حازمةٍ وحاسمة، مفادُها أن الردَّ لم يكن ردًّا عبثيًّا، بل كان رادعًا عمليًّا. فقد تم “تحييد” اثنتي عشرة مسيّرة في مواقع متفرقة، بينما لا تزالُ العمليات العسكرية والتقنية مستمرة على طول الحدود المشتركة، في سباقٍ مع الزمنِ لتأمين السيادة وصدّ العدوان.
يبدو أن العلاقة بين الهند وباكستان قد عادت إلى مربع النار، بعدما كانت قد استكانت –ولو مؤقتًا– في هدنةِ الحذر. فالمسيّرات التي تحمل توقيعًا إسرائيليًا تعكسُ ليس فقط تحوُّل السلاح، بل أيضًا تحوُّل الولاءات والتحالفات في عالمٍ باتت فيه الجغرافيا تُرسمُ بطائراتٍ صغيرة تُسقطُ قراراتٍ كبيرة.
إنّ ما حدث ليلةَ الأربعاء لم يكن مجرد خرق، بل كان خنقًا لأملِ السلام، وعبثًا باستقرارٍ هشّ. فالهندُ بإرسالها طائراتٍ تحملُ بصمةَ تل أبيب، قد فتحت بابًا على جحيمٍ قد لا يُغلق بسهولة. وها هي باكستان، بسلاحها وسياستها، تردّ الصاعَ صاعين، وتُعلِنُ أنها على أهبّة الاستعداد، إن فُتِح بابُ النار.
يبقى التساؤلُ الحارق: إلى أين تتجه هذه المناوشات؟ هل هي مقدّمةٌ لحربٍ لا تُبقي ولا تذر؟ أم مجردُ استعراضِ عضلاتٍ في سماءٍ يثقلها الخوفُ من اشتعال الكارثة؟ في ظلِّ هذا المشهد المتوتر، تبقى عيونُ العالم مشدودةً إلى جنوب آسيا، حيثُ لا تزال الحرب والسلام يتأرجحانِ على خيطٍ رفيع من الطائرات المسيّرة.
في انتظارِ السطور القادمة من هذا الفصل الدموي، يبقى الأملُ معقودًا على حكماءِ السياسة أن يُطفئوا نارَ الحديدِ بالكلام، قبل أن تشتعل الأرضُ بمن عليها.