صوت الأمة
عادت مشاهد الحزن لتخيم على جماهير الكرة المغربية بعد خسارتين مؤلمتين في نهائيين قاريين لفئتي أقل من 17 و20 سنة، أمام منتخبي السنغال وجنوب إفريقيا على التوالي. ورغم الأداء الجماعي المشرف الذي أوصل المنتخبين إلى هذه المحطات المتقدمة، إلا أن التركيز الشعبي والإعلامي انصبّ على أخطاء فردية، خصوصاً في خط الدفاع، وُصفت بأنها السبب المباشر في ضياع الحلم.
خريج أكاديمية محمد السادس(ايت بودلال)، وجد نفسه في قلب العاصفة. لقطة واحدة من تراجع مفرط وعدم ضغط كافٍ، كانت كفيلة بفتح الطريق أمام هدف قاتل. وبينما تتسابق المنصات لجلده إعلامياً، يبقى السؤال الأهم: هل الخطأ الفردي في مثل هذا العمر مدعاة للإدانة أم مدخل للفهم؟
في مراحل التكوين، لا يمكن فصل الخطأ عن التطور. بل يمكن القول إن الأخطاء، خصوصاً تحت الضغط، هي جزء لا يتجزأ من المسار التعليمي للاعب الشاب. فالأكاديميات، مهما بلغت من جودة في تأهيل المواهب، لا تخرج لاعبين جاهزين نفسياً وتكتيكياً بنسبة 100%. ولذلك، فإن وضع كامل المسؤولية على كاهل لاعب شاب هو ظلم منهجي يعيق التطور أكثر مما يحفزه.
لكن في المقابل، لا يجوز تجاهل التكرار. فإذا تحولت الأخطاء إلى نمط، فإنها تشير إلى فجوات في التدريب، أو خلل في التحضير الذهني. الموهبة هي البداية، لكن التميز على المدى البعيد رهين بقدرة اللاعب على التعلم والتطور والانضباط الذهني.
في زمن السوشيال ميديا، تحولت بعض الصفحات إلى منصات للتنمر الرياضي. وما بين الفيديوهات الساخرة والتعليقات اللاذعة، يضيع الهدف الأساسي من الرياضة: البناء لا الهدم. فالنقد البنّاء يركز على الأداء، بينما السخرية تهاجم الشخص، وغالباً ما تكون مدمرة في سنّ التكوين.
ينبغي أن نعي جميعًا أن هؤلاء اللاعبين هم مشاريع مستقبل الكرة المغربية. وأن لحظات الإخفاق ليست نهاية، بل نقطة انطلاق جديدة إن أحسنا قراءتها. فكم من نجم عالمي بدأ مسيرته بأخطاء مماثلة، ليتحول بعدها إلى قائد فوق العادة.