صوت الأمة: هيئة التحرير
في خضمِّ ليلٍ سياسيٍّ طال أمده، وتحت سماءٍ أثقلتها غيوم الاستعمار المقنَّع، تتعالى أصوات القبائل، لا صدى لها سوى العزم، ولا لحن لها سوى نشيد الحرية. ففي يومي 14 و15 يونيو 2025، تستعد مدينتا فرنسا وكندا لاحتضان أيام الأبواب المفتوحة للقبائل، التي لم تعد مجرد مناسبات رمزية، بل غدت محطات مفصلية في طريق التحرر والبناء الوطني.
أكد الوزير الأول في الحكومة القبايلية، الحنفي فرحوح، أن هذه المبادرة ليست تظاهرة احتفالية فحسب، بل هي بيان سياسي بامتياز، ورسالة صارخة تترجم إرادة شعب حرّ إلى فعل سيادي جريء، بل إلى مقدمة للإعلان المنتظر: الاستقلال الأحادي الجانب، المؤسس على شرعية الحق، والمحمول على أكتاف الواجب.
لقد أثبت الشعب القبايلي، عبر سنوات من الكفاح السلمي، أن صوته أقوى من الرصاص، وأن صموده أصلب من الزنازين. فما عاد يقبل أن يُدار مصيره من خلف ستائر العسكر، ولا أن يُكتم أنفاسه تحت حذاء التهديد. الأيام المفتوحة، بحسب ما أعلنه فرحوح، ليست فقط لقاءات تعريفية، بل هي مرايا تعكس وعيًا متصاعدًا، ونبضًا لا ينطفئ، وإرادة لا تلين.
ما كان يُسرّ في الخفاء بات يُعلن على رؤوس الأشهاد. لم تعد القنصليات الجزائرية في فرنسا وكندا منصّات خدمة للجالية، بل تحوّلت إلى مراكز مراقبة واستجواب وترهيب. هي خلايا أمنية ترتدي قناع الدبلوماسية، تسعى لتكميم الأفواه وتقييد الألسنة ووأد الأمل. لكن، وكما لكل ظلام فجر، فقد تم توقيف بعض المتورطين من الموظفين الرسميين، ممّن باعوا ضمائرهم بثمن الخوف، ليجدوا أنفسهم تحت الحجز القضائي، وفي مواجهة قوانين لم ترضَ أن تكون أرضها مرتعًا للابتزاز.
لم يعد الحلم القبايلي يختبئ في زوايا الشعارات، بل صار مشروعًا سياسيًا متكاملًا، ينبض في المهجر، ويتنفس من تباريح الوطن المسلوب. ومع كل لقاء، تُبنى لبنات الدولة المنتظرة، وتتعمّق روابط المنفى بالجذور، وتُشحَذ الهمم لصياغة بيان الخلاص.
إنها ليست نرجسية الانفصال، بل حاجة وجودية للاستقلال، حين يصير البقاء تحت سلطة منكرة للهوية موتًا بطيئًا وتغريبًا ممنهجًا. وكما قال فرحوح: “لقد ولى زمن الغموض، ونتجه نحو إعلان استقلال مؤسس، مبرر، ومتحمل بكامل المسؤولية”.
في هذا الزمن الملبد بالحسابات الإقليمية، تُحفر الكلمات القبايلية كأوتاد في صخر الاستعمار، تُقاوم الصمت، وتُحاور العالم بلغته. الحرية لا تُمنح، بل تُنتزع، والسيادة لا تُشترى، بل تُبنى، لبنة لبنة، وقطرة دم بقطرة دم.
وهكذا، تتقد أيام الأبواب المفتوحة كـشعلة في عتمة النظام، تضيء الطريق، وتُبشّر بقادم يليق بشعب لم يرضَ أن يكون ظلًّا في وطنٍ ليس له.
صرخة القبايل: من رماد القمع إلى وهج السيادة
