أخر أخبار

الطفلة غيثة بين أنين العناية وجدران العدالة

22 يونيو 2025
A+
A-

 

صوت الأمة : المصطفى دراݣي

في مشهد يندى له الجبين وتضيق له الأرواح حزنا، تحولت نزهة عائلية بريئة على رمال شاطئ سيدي رحال إلى مأساة دامية، بعدما باغتت عجلات السرعة الطائشة جسد الطفلة غيثة، لتسقط كزهرة في مهب الريح، لا ذنب لها سوى أنها كانت ترسم بقدميها الصغيرة خريطة الفرح على رمال البحر.

ففي يوم مشمس كانت فيه العائلات تلوذ بالشاطئ هربا من لهيب الحر، فوجئت أسرة الطفلة، ومعها عشرات المصطافين، بسيارة رباعية الدفع تجر دراجة مائية، تجوب الشاطئ كما لو أنه مضمار سباق لا حرمة فيه لبشر أو بشرى. ووسط هذا العبث الميكانيكي، شاء القدر أن تكون الطفلة غيثة هي الضحية، إذ دهستها السيارة دون سابق إنذار، متسببة لها في إصابات بليغة على مستوى الرأس والأطراف، ما استدعى نقلها على وجه السرعة إلى مستشفى بالدار البيضاء، حيث ترقد حاليا بين الحياة والموت داخل قسم العناية المركزة، تصارع الألم في صمت ودموع.

ولأن القانون لا ينام، والعدالة لا تهادن، فقد أمر ممثل الحق العام بالمحكمة الابتدائية ببرشيد، التابعة للدائرة القضائية سطات، بإيداع الشاب السائق المتورط السجن المحلي بالمدينة، في إطار الاعتقال الاحتياطي. وقد سبق أن تم عرض المشتبه فيه مرتين على أنظار النيابة العامة من طرف عناصر الدرك الملكي بسيدي رحال الشاطئ – سرية برشيد، إلى أن تقرر متابعته في حالة اعتقال في انتظار ما ستسفر عنه أولى جلسات المحاكمة التي تنطلق يوم الاثنين المقبل.

إن الحادث، وإن كان من صنف الحوادث العرضية، إلا أنه يسلّط الضوء على فوضى استعمال المركبات على الشواطئ المغربية، وغياب الرادع القانوني أمام بعض السلوكيات المستهترة التي تهدد الأرواح، وتزرع الرعب في قلوب الأسر التي لم تطلب سوى لحظة هدوء على شاطئ الحياة.

فهل ستُعيد هذه الفاجعة ترتيب أولويات السلطات في حماية المصطافين؟ وهل ستنصف العدالة جسدا نحيلاً نازفا يرقد بين أجهزة الإنعاش؟ أم أننا سنكتفي بتقارير باردة وحملات عابرة، سرعان ما تذروها رياح الإهمال والنسيان؟

غيثة الآن لا تعرف ما يجري من محاكمات ولا تُدرك صخب المنابر، لكنها تستحق من هذا الوطن يقظة قانون، ورجفة ضمير، وصرخة إصلاح.

وإلى حين صدور الحكم، يبقى الأمل معلّقا بين دقات قلب صغير وبين مطرقة قاضٍ لا يساوم العدالة.

تعليقات الزوار ( 0 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: