صوت الأمة: هيئة التحرير
يمضي المغرب قُدما في تحويل ميناء الناظور غرب المتوسط إلى منصة رائدة لاستيراد الغاز الطبيعي المسال، من خلال محطة عائمة تصل سعتها إلى 500 مليون متر مكعب سنويا، على أن تدخل حيز التشغيل سنة 2026.
ويأتي هذا المشروع في إطار رؤية ملكية رشيدة تستشرف المستقبل بنظرة ثاقبة، وتؤمن بأن الطاقة هي نبض التنمية وشريان الاقتصاد، لا سيما في ظل التحولات المتسارعة التي يشهدها العالم على صعيد الانتقال الطاقي وأمن الإمدادات.
ففي صيف سنة 2024، تم إطلاق مناقصة دولية لإنشاء هذه المحطة، في وقت يُرتقب أن يُستكمل الإغلاق المالي للمشروع خلال سنة 2025، في أفق انطلاق الأشغال الكبرى التي ستُفضي إلى ولادة منصة غازية ذات بعد إقليمي.
ولم يكن اختيار ميناء الناظور غرب المتوسط اعتباطيا، بل جاء نابعا من موقعه الاستراتيجي المُطِل على الواجهة المتوسطية، وقربه من البنيات التحتية القائمة، خاصة خط الأنابيب المغربي-الإسباني، الذي سيكون صلة الوصل بين المحطة الجديدة والشبكة الوطنية لنقل الغاز.
في تناغم بين الرؤية الوطنية والانفتاح على الشركاء العالميين، أبرم المغرب شراكة مع شركة “شل” العالمية، أحد أبرز الفاعلين في مجال الطاقة، ما يعزز مصداقية المشروع ويؤكد الثقة التي تحظى بها المملكة في الأسواق الدولية.
كما تدرس السلطات المختصة فتح نقاط دخول جديدة للغاز في مناطق أخرى من المملكة، خاصة الداخلة وسواحل المحيط الأطلسي، في أفق دعم الاستهلاك الصناعي وتوسيع نطاق التوزيع.
يتوقع المغرب أن تتزايد احتياجاته من الغاز الطبيعي لتبلغ 8 مليارات متر مكعب سنويا في أفق سنة 2027، مدفوعة بنمو القطاع الصناعي وتوسع شبكة إنتاج الكهرباء. وهو ما يجعل من هذا المشروع ليس مجرد خيار ظرفي، بل ركيزة استراتيجية لضمان الاستمرارية والاستقلالية في التزود بالطاقة.
إن هذا التحول الجذري في البنية التحتية الغازية للمملكة يندرج ضمن استراتيجية شاملة لتعزيز أمن الطاقة وتنويع مصادرها، بما يقي البلاد تقلبات الأسواق العالمية ويمنحها هامشًا أوسع من السيادة في القرار الطاقي.
ويُعد المشروع أيضا رسالة واضحة مفادها أن المغرب لا يرضى إلا بالقمة، ولا يسير إلا في دروب التنمية المستدامة، بعزيمة لا تلين ورؤية لا تغيب عنها شمس الطموح.