صوت الأمة : هيئة التحرير
في تقرير صادر عن العملاق المالي الأمريكي J.P Morgan، حظي المغرب بتوقعات مشرقة قد تقوده قريباً إلى “التصنيف الاستثماري”، وهو اللقب الذي لا تمنحه الأسواق إلا للدول التي تتقن لغة الاستقرار، وتحترف فنون الجذب الاقتصادي.
أما مؤسسة Capital Economics، فذهبت أبعد من ذلك، معتبرةً أن المملكة المغربية قد تتمكن قريباً من تحقيق فائض في ميزانها التجاري، وهو إنجاز لا يُنال بالأماني، بل يُصاغ على أنوال التخطيط الدقيق والإرادة السياسية.
تشير الأرقام إلى أن المغرب لم يعد مجرد وجهة سياحية بشمسها الدافئة وسواحلها الحالمة، بل بات أيضاً ورشة صناعية مفتوحة على العالم.
ففي النصف الأول من عام 2025، قفز إنتاج السيارات بنسبة +36%، فيما ارتفعت أعداد السياح +16% مقارنة بالعام السابق، وهو ما ساهم في تدفق استثمارات ضخمة، لا سيما من التنين الصيني ، عبر شركات من قبيل:
Gotion High-Tech
Hunan Zhongke Shinzoom
BTR New Materials
وبات المغرب يتفوّق في حجم إنتاج السيارات على دول أوروبية كـ رومانيا وبولندا، بل وحتى إيطاليا، مكرساً نفسه كـ “مصنع القارة” الجديد.
ولا يقف الطموح عند حدود اليابسة، فالمملكة تخطط لتشييد أضخم ورش لبناء وإصلاح السفن في إفريقيا، على مساحة تُعادل ثلاثين ملعب كرة قدم، ما ينبئ بصعود بحري مواكب لنموها الصناعي.
الصحافة الإسبانية لا تُخفي قلقها، بل تُعبّر عنه بصيغ واضحة؛ فالمغرب الذي كان لعقود مجرد “جار طموح”، بات اليوم “منافساً مخيفاً”، خاصة في قطاعات كانت مدريد تتصدرها، مثل السياحة والصناعة التحويلية.
ويشبّه خبراء اقتصاديون هذه القفزة بما عاشته إسبانيا في الستينيات والسبعينيات من تحوّل ليبرالي جذب الاستثمارات الغربية وأطلق ثورة سياحية وصناعية.
لكن الفارق أن ما احتاجته إسبانيا في عقدين، يُحققه المغرب اليوم في عِقد واحد، مستفيداً من:
*موقع استراتيجي يلامس أوروبا
*بنية تحتية حديثة
*يد عاملة مؤهلة ومنخفضة الكلفة
*طاقة شمسية وريحية تُعد من الأفضل عالميًّا.
المغرب اليوم ليس فقط بلد الشمس والرمال، بل بلد المصانع والموانئ، بلد التنوع الطاقي والانفتاح الاستثماري، بلد يصوغ تجربته الخاصة في التنمية، دون استنساخ أو تقليد.
صعوده المدوّي لم يأتِ من فراغ، بل هو نتاج رؤية استراتيجية تستند إلى استقرار سياسي، وطموح ملكي، ورغبة شعبية في اقتحام المستقبل.
ومع كل مؤشر اقتصادي يُسجَّل، ومع كل مشروع صناعي يُدشَّن، يبدو أن ساعة المغرب قد دقّت، وأن قطار نموه قد انطلق دون نية في التوقف.
فهل سيكون للمنافسين ما يكفي من السرعة للحاق به؟ أم أن المغرب، ذات يوم قريب، سيكون من يُملي وتيرة السباق؟