صوت الأمة: هيئة التحرير
اختارت وزارة التربية الوطنية أن تفتح ذراعيها لرياضة وُلدت في الشارع، لكنها ارتقت إلى عتبة المجد الأولمبي؛ الهيب هوب والبريكينغ، من الهامش إلى المنهاج، ومن العشوائية إلى الرسمية.
فالوزير محمد سعد برادة، كعادته، لم يُدافع فقط، بل فنّد، وفصّل، وبرّر، مؤمنا بأن المدرسة ليست فقط مصنعا للعقول، بل مسرحا للطاقات، وساحة لصقل المواهب المتحررة من قيود التقليد. فقد أكد أن إدراج “الهيب هوب” و”البريكينغ” ضمن أنشطة الجمعية الرياضية المدرسية، ليس بدعة تربوية، بل استجابة لنبض التلاميذ، ومحاولة لرد الاعتبار لرياضات باتت تعكس نبض العصر وتبني جسورا بين الهوية والحركة.
كيف لا؟ وهذه الرياضات التي كانت يوما ما تُمارس على أرصفة المدينة، أو في الظلال العابرة للحدائق، أضحت اليوم تحت أضواء المدرجات، وداخل فضاءات مؤطرة، تُعلّم الاحترام والانضباط، كما تُنمّي اللياقة والتنسيق والتفكير الاستراتيجي. هي ليست مجرد قفزات على الإيقاع، بل دروس في الإرادة، وسطور من القوة الناعمة تكتبها أجساد متمردة بأخلاق عالية.
برادة لم يتكلم من فراغ، بل من وثائق وأرقام، ومن اتفاقيات شراكة هو رسمية، أبرزها تلك الموقعة سنة 2021 مع الجامعة الملكية المغربية للرياضة الوثيرية والهيب هوب، والتي وفرت التأطير التربوي والتقني لهذه الأنشطة، كما فتحت أبواب التكوين أمام أساتذة التربية البدنية ليكونوا رُسُل هذه الثقافة الجديدة في عالم المدرسة.
ولأن الرياضة لغة عالمية، لا تعترف بالحدود ولا تُقيدها الجغرافيا، فقد أبرز الوزير المشاركة المغربية المشرّفة في الألعاب الأولمبية بباريس، حيث تأهل أبناء الوطن في رياضة “البريكدانس” بعد تتويجهم القاري سنة 2023، في بطولة نُظمت تحت الرعاية السامية لجلالة الملك محمد السادس. مشهدٌ فني ورياضي تلاحمت فيه الحركات الراقصة مع الراية المغربية، فكان للفرح نغمه، وللوطن مكانه.
ذلك هو السؤال الذي يُراود العقول المحافظة، المتوجسة من كل ما هو جديد. لكن الوزير أجاب بلغة الأرقام والمبادئ، مؤكدا أن هذه الرياضات ليست دخيلة، بل صارت معترفا بها أولمبيا منذ 2018، وأن دمقرطة النشاط الرياضي لا تستثني ميولات الشباب، بل تحتضنها وتوجهها، في توازن دقيق بين الأصالة والانفتاح.