أخر أخبار

حد السوالم على أعتاب نهضة لوجستية بمشروع منصة غذائية حديثة

9 أكتوبر 2025
A+
A-

صوت الأمة :المصطفى دراكي

تتأهب مدينة حد السوالم لاستقبال أحد أضخم المشاريع اللوجستية على المستوى الوطني، في خطوة تعبر عن رغبة واضحة في إعادة هيكلة قطاع التسويق الغذائي بجهة الدار البيضاء – سطات، وإنهاء فوضى الأسواق العشوائية التي طالما أثقلت كاهل العاصمة الاقتصادية.

يمتد هذا المشروع الطموح على مساحة تقارب 300 هكتار، ليشيد عليها مجمع متكامل لأسواق الجملة يشمل الخضر والفواكه، اللحوم، الأسماك، والدواجن، وفق تصور حديث يزاوج بين النجاعة الاقتصادية والجودة الصحية. وينتظر أن يشكل هذا الورش نقطة تحول نوعية، ليس فقط في مجال التوزيع الغذائي، بل في مجمل الدينامية الاقتصادية للمنطقة.

تقدر الكلفة الإجمالية لهذا المشروع الهيكلي الهام بما بين 1.5 و2 مليار درهم، بتمويل مشترك من خمس مؤسسات رئيسية: وزارة الداخلية، وزارة الفلاحة، مجلس جهة الدار البيضاء – سطات، جماعة الدار البيضاء، وصندوق الإيداع والتدبير، في صورة تجسد الانسجام المؤسساتي من أجل تحقيق تنمية متوازنة وذات أبعاد استراتيجية.

وإن كانت الأرقام والمخططات تبشر بمستقبل واعد، فإن واقع مدينة حد السوالم يروي قصة مغايرة. فالمدينة، التي تحتضن هذا المشروع العملاق، تفتقر إلى بنية تحتية طرقية ملائمة، وتعاني من غياب الأمن الوطني وندرة وسائل النقل العمومي، مما قد يشكل عقبة أمام الاستفادة القصوى من مزايا هذا الورش الضخم. وقد يجد المستثمرون والمهنيون صعوبة في الولوج إلى هذه المنصة في ظل هذه الإكراهات، ما لم ترافق المشروع رؤية شمولية لإصلاح الأعطاب البنيوية التي تكبل هذه المدينة الفتية.

يعد هذا المشروع خطوة عملاقة نحو عصرنة قطاع التسويق الغذائي، وتحسين شروط الجودة والسلامة، وتوفير بيئة تجارية تلائم المعايير الوطنية والدولية. كما يتوقع أن يخلق فرص شغل واسعة، ويُضفي نفسًا اقتصاديا جديدا على المنطقة.

 

لكن النجاح الحقيقي لهذا الورش لا يقف عند حدود تدشينه أو ضخامته، بل في مدى تكامله مع محيطه الترابي، ومعالجة ما يعتري المدينة من اختلالات عمرانية، أمنية وخدماتية. فكيف لمركب غذائي من الطراز الرفيع أن يحقق مبتغاه، وطرقات المدينة مهترئة، وأمنها غائب، ونقلها العمومي شحيح؟

لا شك أن الرؤية المعلنة تبشر بميلاد مركز غذائي عصري قادر على تحويل جهة الدار البيضاء – سطات إلى قطب لوجستي متكامل، لكن الرهان الحقيقي يبقى في الإرادة السياسية لإنصاف حد السوالم، لا فقط بجلب المشاريع، بل بتأهيلها لتكون حاضنة لها.

فهل ستواكب هذه المنصة الكبرى نهضة عمرانية شاملة؟ أم أنها ستظل جزيرة متطورة وسط محيط مهمش؟

الجواب ستحمله قادم الأيام، أما الحلم فقد بدأ يرسم على أرض الواقع… فهل من متمم للبناء؟

تعليقات الزوار ( 0 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: