
عبدالعزيز وضاح
صوت الامة
مكناس.
منذ انتخابه رئيساً للمجلس الجماعي لمكناس، أطلق عباس لومغاري دينامية جديدة في تدبير الشأن المحلي، قائمة على المقاربة التشاركية، والتخطيط الواقعي، والانفتاح على مختلف الفاعلين من سلطات ومنتخبين ومجتمع مدني. فبعد سنوات من الجمود المؤسساتي الذي عانت منه العاصمة الإسماعيلية، حاول الرئيس الجديد أن يعيد الثقة بين المواطن والمجلس عبر قرارات ومشاريع ملموسة على أرض الواقع.
في فترة وجيزة، شرع المجلس في تنفيذ مجموعة من المشاريع التي تمسّ الحياة اليومية للسكان، وعلى رأسها تأهيل عدد من المحاور الطرقية الحيوية مثل شارع محمد السادس وعدد من الشوارع الرئيسية الأخرى التي كانت في حالة متدهورة. كما أعيد النظر في برنامج الإنارة العمومية عبر تجديد الشبكات وتوسيعها لتغطية الأحياء الناقصة، ما ساهم في تعزيز الإحساس بالأمن والراحة داخل المدينة.
في موازاة ذلك، أعطى لومغاري أهمية خاصة للمدينة العتيقة باعتبارها القلب التاريخي لمكناس وأحد رموزها الحضارية، فتم العمل على إطلاق مشاريع تثمين وترميم تهدف إلى إعادة الاعتبار للمآثر والمعالم التي شكلت على مرّ القرون هوية المدينة ومصدر إشعاعها السياحي والثقافي. هذا الاهتمام بالموروث العمراني ترافق مع جهود لتجميل الفضاءات العامة وتهيئة الساحات والحدائق لتكون متنفساً لساكنة المدينة.
كما انخرط المجلس في شراكات قوية مع مؤسسات وطنية وجهوية لتحسين الخدمات الأساسية. فبالتنسيق مع الشركة الجهوية متعددة الخدمات فاس مكناس، تم وضع برنامج استثماري يمتد من 2025 إلى 2029 يهدف إلى تقوية الشبكات وتعميم الربط بالماء والتطهير، خصوصاً في الأحياء الصاعدة التي تعرف توسعاً عمرانياً متسارعاً. هذه المقاربة التقنية المندمجة اعتُبرت خطوة مهمة نحو تحقيق العدالة المجالية داخل تراب الجماعة.
ولم تقتصر الرؤية التنموية على الجوانب التقنية، بل شملت كذلك دعم البنيات الاقتصادية والاجتماعية والرياضية، من خلال مشاريع تخصّ تهيئة الأسواق النموذجية، وإنشاء مرافق ثقافية ورياضية موجهة للشباب، وإطلاق مبادرات لتحفيز الاستثمار وخلق فرص الشغل.
أما على المستوى الجهوي، فقد حرص عباس لومغاري على تنسيق الجهود مع مجلس جهة فاس–مكناس، ما أثمر عن إدراج مجموعة من المشاريع الكبرى ضمن البرامج الجهوية المشتركة، وهو ما منح دفعة إضافية لمسار التنمية داخل المدينة.
ورغم حجم التحديات المرتبطة بتمويل المشاريع وضمان استمرارية تنفيذها، فإن المتتبعين يرون أن رئاسة لومغاري استطاعت أن تعيد إلى المشهد المحلي نوعاً من الحيوية والجدية في العمل الجماعي، بعد مرحلة تميزت بالجمود والصراعات السياسية. فالمؤشرات الأولية لما تحقق تُظهر إرادة واضحة لإعادة بناء الثقة وترميم صورة مكناس كمدينة تاريخية لها مكانتها الاقتصادية والثقافية.
اليوم، تبدو مكناس أمام فرصة حقيقية لاستعادة بريقها، إذا ما استمرت هذه الدينامية بنفس النفس الإصلاحي وبانفتاح أكبر على الكفاءات المحلية والمجتمع المدني. فالمشاريع المبرمجة ليست مجرد أوراش مادية، بل هي رهان على استرجاع هوية المدينة ومكانتها بين كبريات الحواضر المغربية.
