
صوت الأمة : المصطفى دراكي
لم تكن تصريحات مدرب المنتخب المغربي لأقل من 17 سنة، نبيل باها، موفقة في خرجتها الأخيرة، رغم ما تحمله من حماس رياضي وغيرة على مستقبل اللاعبين. فحين تتحول المدرسة، في الخطاب العام، إلى «فزاعة» تشهر في وجه الناشئين، يصبح لزاما علينا أن نتساءل: هل غدت المؤسسة التعليمية وحشا يوقظ مضاجع اللاعبين؟ أم صارت التربية سكينا يلوح به من أجل تحميسهم على ملاحقة جلد منفوخ بالهواء؟
إن المدرسة ليست خصما للرياضة، ولا التعليم نقيضا للموهبة. وإنما هما معا جناحان لطائر واحد؛ إن كسر أحدهما سقط الآخر، وإن اجتمعا حلق الشاب عاليا نحو مستقبل آمن. ومن المفارقات المؤلمة أن نهاجم العقل لنقوي العضلات، وأن نضعف المدرسة لنضخم الملعب. فأي فوز نرجوه بجسد بلا روح، وأي مجد نبتغيه بموهبة بلا معرفة؟
لقد خانت التعابير المدرب – بلا شك – وهو يستحضر نبل رسالته كمدرب يسعى لزرع الانضباط في نفوس لاعبيه. غير أن النوايا الحسنة لا تكفي حين تتحول الكلمات إلى رسائل مجتمعية قد تفهم خطأ، وتزيد من هشاشة صورة التعليم في وطن ما زال يصارع من أجل رد الهيبة لمدارسه.
إن التشجيع الرياضي لا ينبغي أن يمر عبر بوابة الاستخفاف بالتحصيل العلمي، ولا يجوز أن نصنع «نجوم الغد» بطمس إشراقة المستقبل الأكاديمي. فالملاعب وحدها لا تمنح ضمانات الحياة، أما العلم فيظل السند الذي لا يخون، والمرفأ الذي لا يغرق، والنبراس الذي لا ينطفئ.
إن الرياضة مدرسة، نعم؛ لكنها مدرسة في الأخلاق والانضباط والعمل الجماعي، لا مدرسة بديلة عن المدرسة. وحين تتصالح التربية الجسدية مع التربية العقلية، ينهض جيل قادر على حمل القميص الوطني بذكاء قبل القوة، وبوعي قبل الاندفاع.
ويبقى الأمل أن يكون تصريح المدرب مجرد زلة لسان، لا رؤية ثابتة. فالوطن بحاجة إلى شباب يجمع بين نباهة الفكر وصلابة الجسد، بين ملاعب تصقل المهارات، ومدارس تنير البصائر. فبهما معا، لا بأحدهما دون الآخر، نصنع منتخب المستقبل… وإنسان المستقبل.
