
صوت الأمة متابعة : رشيد نشاد سيدي قاسم
عندما تُقام الفعالية الأولى من نوعها في مدينة ما، غالباً ما تسكن المسؤولين هواجس الإخفاق أكثر من أحلام النجاح. لكن الدورة الأولى من المعرض الوطني للحوامض كسرت هذه القاعدة، وقدمت لسيدي قاسم نموذجاً لما يمكن أن تصنعه رؤية واضحة وتنظيم محكم وإرادة جماعية تعرف ماذا تريد.
منذ اليوم الأول، بدا أن المدينة تعيش لحظة مختلفة. حركة غير معتادة، زوار من مختلف الأقاليم، وتناغم واضح بين المؤسسات الساهرة على إنجاح هذا الحدث. فالمعرض لم يكن مجرد منصات تعرض منتجات الحوامض، بل كان مساحة للتعريف بثروة فلاحية تُعتبر إحدى ركائز الاقتصاد المحلي والوطني.
الأروقة المنظمة بعناية، التنوع الكبير في المنتوجات، الحضور القوي للتعاونيات والشركات الفلاحية، ثم النقاشات التي احتضنتها الندوات العلمية… كلها جعلت الزائر يشعر بأننا أمام تظاهرة أكبر من مجرد “دورة أولى”. كأن المنظمين استوعبوا جيداً أن الأجيال المقبلة ستقيس نجاح هذا الحدث بما تحقق في نسخته الافتتاحية.
ولأن النجاح لا يصنعه المنظمون وحدهم، فقد كان الحضور الأمني والتنظيمي عنصراً أساسياً في رسم هذه الصورة المشرقة. تدخلات رجال الأمن الوطني، وعناصر القوات المساعدة، وأطقم الوقاية المدنية، والسلطات المحلية، تمت بسلاسة وانضباط، ومنحت الزوار شعوراً طاغياً بالثقة والطمأنينة، حتى بدا المعرض كأنّه يسير على سكّة موضوعة بعناية.
أكثر ما ميز هذا الحدث، هو ذلك الشعور بأن سيدي قاسم تتغير… وأن بإمكانها أن تكون نموذجاً لمدن متوسطة تبحث عن فرص أكبر لفرض ذاتها في الخريطة الاقتصادية. فالمعرض لم يكن فقط احتفالاً بالحوامض، بل كان احتفاءً بقدرة المدينة على تنظيم حدث وطني بمعايير احترافية، وبهوية محلية تحفظ للمدينة نكهتها الخاصة.
نجاح الدورة الأولى ليس نهاية الحكاية، بل بدايتها. وإذا كان الافتتاح بهذا المستوى، فإن القادم قد يكون أكثر إشراقاً… بشرط أن تستمر نفس الروح، ونفس الإرادة، ونفس الثقة في أن التنمية الحقيقية تبدأ من مثل هذه المبادرات التي تجمع الدولة والمجتمع في مشروع واحد.
