
صوت الامة : وضاح عبد العزيز
مكناس.
رغم أنّ كل مدن المغرب، صغيرة كانت أو كبيرة، تتوفر اليوم على منظومة نقل حضري متكاملة تشمل الطوبيسات والطاكسي الكبير والصغير، ما يمنح السكان إحساساً فعلياً بأنهم يعيشون داخل مدينة حقيقية، فإن ويسلان — تلك الجماعة التي تجاوز عدد سكانها 112 ألف نسمة حسب إحصاء 2024 — ما تزال تعيش خارج المدار الحضري وكأنها مجرد هامش بعيد عن مدينة مكناس.
نقل حضري غائب… ومدينة مخنوقة
إذا كان النقل الحضري يشكل العمود الفقري لأي منطقة حضرية، فإن ويسلان تُستثنى بشكل غريب وغير مفهوم من هذه القاعدة. كيف يُعقل أن منطقة بمساحة شاسعة، تمتد مسافاتها الداخلية بين الأحياء لأكثر من 7 إلى 10 كيلومترات، لا تتوفر على الطاكسي الصغير الذي يربط داخل الأحياء ويُسهّل حياة المواطنين؟
هل يُعقل أن مواطنًا يرغب في الانتقال من مركب البركة إلى إقامات الضحى، عليه أن يدبّر الوسائل في منطقة حضرية يتجاوز عدد سكانها عدد سكان مدن كاملة؟
مدينة بالاسم فقط… خدمات منعدمة
الحديث عن “ويسلان كمدينة مستقبلية مستقلة عن مكناس” يظل مجرد حلم غير قابل للتحقق في ظل غياب الشروط الأساسية:
لا مستشفى يرقى لمستوى ساكنة بهذا الحجم.
لا دار للولادة.
لا وقاية مدنية.
لا ملعب رياضي يستجيب لحاجيات الشباب.
ولا حتى دار الشباب، رغم دورها الحيوي في احتضان الأطفال والمراهقين وحمايتهم من آفات الشارع.
أمام كل هذا، بأي منطق تُدرج ويسلان كمدينة؟ وكيف يُسمح باستمرار هذا الفراغ البنيوي الصادم؟
فوضى الطاكسي الصغير… بين صمت السلطات واستنزاف المواطن
المفارقة المثيرة للسخرية — أو الأسف — أنّ الطاكسي الصغير الذي يفترض أن يكون الحل داخل مكناس، يتحول إلى عبء إضافي على سكان ويسلان. إذ يصرّ عدد من السائقين على عدم تشغيل العداد (الكونتور)، ويُرغمون المواطن على الاتفاق على “تسعيرة مزاجية” تختلف من سائق لآخر، وأحياناً ترتفع ليلاً كأنك تتنقل بين مدينتين بعيدتين مثل طنجة أو مليلية!
من منح الحق للطاكسي الصغير بدخول ويسلان دون التزام بالقانون؟
من يراقب؟
من يحاسب؟
ومن المستفيد من هذا الوضع الملتبس الذي يكرّس التهميش؟
المسؤولون في مكناس… غياب غير مفهوم!
السؤال المطروح اليوم وبحدة:
أين مسؤولو مكناس؟ أين عامل الإقليم السيد عبد الغني الصبار؟ أين وزارة الشباب والثقافة والتواصل؟
كيف لجماعة حضرية يتجاوز عدد سكانها 112 ألف نسمة أن تُترك بهذا الشكل المخجل دون دار شباب، دون مرافق، دون نقل، دون حد أدنى من مظاهر “المدينة”؟
إنّ ما يحدث في ويسلان ليس سوى تكريس لسياسة تهميش واضحة، وقرارات مجحفة تدفع ثمنها الساكنة كل يوم.
صرخة سكان ويسلان… هل من أذن صاغية؟
اليوم يرفع سكان ويسلان صوتهم عاليًا مطالبين:
رئيس المجلس الجماعي بالتدخل العاجل.
إعادة النظر في تدبير ملف النقل الحضري.
إدراج ويسلان في خانة الأولويات داخل إقليم مكناس.
توفير البنيات الأساسية التي تليق بمنطقة بهذا الحجم.
ويسلان اليوم تستغيث… فهل من مسؤول يسمع؟
وهل يستمر الصمت، أم تُفتح عيون السلطات أخيراً على منطقة تكاد تختنق بالتهميش والإقصاء؟
