أخر أخبار

قراءة في الفصل 41 من الدستور المغربي الصادر سنة  2011

19 مارس 2023
A+
A-

صوت الأمة:

بوشعيب جوال طالب باحث بسلك الدكتوراه.

تتميز الهوية المغربية في ظل الدستور المغربي بثبوئ الدين الاسلامي الحنيف مكانة الصدارة فيها وذلك في ظل تشبث الشعب المغربي بقيم الانفتاح والاعتدال والتسامح والحوار، والتفاهم المتبادل بين الثقافات والحضارات الانسانية جمعاء ، فالدين الاسلامي الحنيف يقوم على الوسطية والاعتدال والتعايش والتكافل والتآزر والتعاون والتضان في ظل نظام ديمقراطي ملكي دستوري،اجتماعي أساسه العدالة الاجتماعية والحقوقية،فإمارة المؤمنين لها دور كبير في ترسيخ الهوية المغرية وتحقيق الأمن والسلم والسلام.

إذن فما هي الأهداف التربوية والمقاصد الشرعية المستنبطة من هذا الفصل.

وماهي الآليات المعتمدة في ذلك؟ وإلى أي حد استطاعت إمارة المؤمنين أن تحصن المجتمع من الغلو والانفلات.

بالرجوع الى مقضيات هذا الفصل  نجده ينص في فقرته الأولى ” على أن الملك أمير المؤمنين حامي حمى الملة والدين والضامن لحرية ممارسة  الشؤون الدينية …)

يستشف من مقضيات هذا الفصل على أن الملك أمير المؤمنين حامي حمى الملة والدين والساهر على حماية الشأن الديني والضامن لحرية ممارسة الشؤون الدينية والساهر على ضمان الأمن الروحي للمغاربة جمعاء، ويؤكد هذا المقتضى الخطاب الملكي السامي الذي ألقاه صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده  بمناسة عيد العرش المجيد 30 يوليوز 2012في فقرته السابعة على مايلي ” وبصفتنا أميرا للمؤمنين مافتئنا نعمل بمقتضى البيعة المقدسة التي نتولى أمانتها العظمى على أن تظل المملكة المغربية نموذجا في الالتزام الإسلامي السني الوسطي السمح الذي لامكان فيه للتطرف والتعصب والغلو والإنغلاق.

فقد حرص صاحب الجلالة، أمير المؤمنين، منذ السنوات الأولى لتوليه العرش على تجديد الحقل الديني وضمان تأهيل المؤسسات الدينية والنهوض بأوضاع العلماء والأئمة والعاملين في الحقل الديني، في احترام تام للثوابت الدينية للمملكة وبما يتماشى مع متطلبات تطور المجتمع.

وترتكز المقاربة التي أطلقها صاحب الجلالة في هذا المجال على ضرورة الحفاظ على المرجعية الدينية للمملكة المرتكزة على السنة، والمذهب المالكي، والعقيدة الأشعرية، والمحفزة على الاجتهاد، وفق مقاصد الشريعة السمحة، والاعتدال والوسطية والتسامح، بعيدا عن كل تشدد، أو تطرف، أو غلو.

وفي هذا الاتجاه وحفاظا على هويته المتميزة بالوسطية والاعتدال والتسامح، وتحصينا له من نزعات التطرف، اعتمد المغرب، لتأهيل حقله الديني وتجديده، استراتيجية مندمجة وشمولية ومتعددة الأبعاد، تستند إلى ثلاثة أركان تتمثل في الركن المؤسسي، والركن التأطيري، وركن التربية الإسلامية الأصيلة.

ويضيف نفس الفصل المشار اليه أعلاه على أن أمير المؤمنين يرأس  المجلس العلمي الأعلى الذي يتولى دراسة القضايا التي يعرضها عليه.

ويزكي هذا المقتضى نفس الخطاب المشار اليه سابقا حيث نص في فقرته الثامنة  على مايلي ” كما ارتقينا بالمجلس العلمي الأعلى إلى مؤسسة دستورية قائمة بالمهام الموكولة اليها في الفتوى وتقديم المشورة لجلالنا في كل مايهم الشأن الديني”

فالمجلس العلمي الأعلى، كما أشار أمير المؤمنين مؤسسة دستورية مجالها الفتوى وتقديم المشورة لمولانا أمير المؤمنين .

ومولانا أميرالمؤمنين هو الذي  يتولى رئاسة المجلس، الذي يعتبر الجهة الوحيدة المؤهلة لإصدار الفتاوى الدينية، ويتولى دراسة القضايا التي تعرض عليه خاصة القضايا الفقهية المستجدة ويحاول ايجاد الحلول لها بالاعتماد على المذهب المالكي، تم تنظيم ماهية مؤسسات الإفتاء المغربية الرسمية التابعة لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ومهامها وأصول عملها من خلال سلسلة من القوانين.

والغرض من هذه التعديلات هو حماية القيم الأخلاقية والثوابت الدينية وإيجاد حلول للقضايا المستجدة.

وقد تسارعت وتيرة التعديلات الإصلاحية خاصة بعد الأحداث الإرهابية الأليمة التي مست مدينة الدار البيضاء مما أدى إلى اكتسابها أبعادًا جديدة.

وقد نشر المجلس العلمي الأعلى كتاب “فتاوى الهيأة العلمية المكلفة بالإفتاء”، متضمنا 52 جوابا فقهيا مختارا للاراء الفقهية المنشورة للفترة الممتدة بين 2004 – 2012 حول القضايا ذات الطابع العام، وتكشف متون الفتاوى في هذا الكتاب عن أهمية هذه الهيئة في بيان الأحكام الشرعية حول مختلف النوازل المعروضة عليها وتنوع الأسئلة الموجهة إليها، وعن المسائل المعاصرة المرتبطة بمشكلات الحياة، بالإضافة إلى ذلك، تتيح متون أسئلة الفتاوى لنا فرصة تحليل طبيعة المشاكل ذات الأولوية التي يعاني المجتمع منها وأبعادها المختلفة.

ويبقى المجلس العلمي الأعلى المؤسسة الرسمية الوحيدة المكلفة بالإفتاء تحت سيادة وإمارة أميرالمؤمنين حفظه الله ورعاه في القضايا المحالة عليه استنادا إلى مبادئ وأحكام الدين الإسلامي الحنيف ومقاصده السمحة .

كما نص نفس الفصل على أن اختصاصات المجلس وتأليفه وكيفيات سيره بظهير.

فالمقاصد الدينية والتربوية المستنبطة من هذا الفصل مايلي

  • إمارة المؤمنين ومسؤولية الحفاظ على الدين

تأهيل الشأن الديني من خلال احترام القيم الإسلامية التي درج المغاربة على التمسك بها مذهبا وعقيدة وسلوكا، والعمل على إقرارها تحقيقا للوحدة وضمانا للأمن الروحي. جاء في الظهيـر الشريف رقم 1.08.16 الصادر في 20 اكتوبر 2008م: «بناء على مقتضيات الدستور التي تخول لجلالتنا بصفتنا أميـر المؤمنين واجب السهر على حماية وصون القيم والتعاليم الإسلامية للمغاربة المسلمين فيما يتصل بصون عقيدتهم وممارسة شعائرهم بما ينسجم مع روح ديننا الإسلامي الأصيل ويتماشى مع نهج أسلافنا المنعمين من عقيدة أشعرية ومذهب مالكي وصوفية سنية».

  • إمارة المؤمنين ورعاية مصالح المؤمنين

وهذا من خصوصيات الجمع بين الديني والدنيوي في النموذج المغربي، فأميـر المؤمنين نصره  ﷲ باعتباره ملك البلاد، وهو الساهر على مصالح العباد بموجب الصلاحيات الدينية والسياسية التي نص عليها دستور المملكة المغربية 2011م.

وخلاصة القول فإمارة المؤمنين لها دور كبير في حفظ وصون الشأن الديني في إطار الوسطية والاعتدال والتسامح ونشر التوعية الدينية وحفظ مقاصد الشريعة الاسلامية السمحة.

 

تعليقات الزوار ( 0 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: