صوت الأمة: المصطفى دراݣي
في خطوة وُصفت بالبداية الموفقة، قام السيد جمال خلوق، عامل صاحب الجلالة الجديد على إقليم برشيد، بزيارة ميدانية لمدينة حد السوالم، في إطار جولاته الترابية الهادفة إلى استكشاف واقع الإقليم عن قرب، والإنصات لنبض ساكنته. وقد حظي العامل باستقبال رسمي من طرف السلطات المحلية والمنتخبة، فيما رافقته أنظار المواطنين وآمالهم.
غير أن هذه الزيارة لم تمر مرور الكرام، فقد كانت بمثابة شرارة أشعلت فتيل الأمل في قلوب طالما ذاقت مرّ الإهمال، وذاقت من التهميش ألوانا. فبمجرد انتشار خبر الزيارة، تقاطرت التدوينات عبر صفحات “فيسبوك” المحلية، تعكس صوت الساكنة وتختزل، في كلمات موجعة، قائمة طويلة من المطالب الملحّة.
مدينة حد السوالم، التي توصف بأنها قلب نابض على أطراف العاصمة الاقتصادية، باتت اليوم في حاجة ماسة إلى ما يليق بمكانتها وموقعها. فرغم احتضانها لحي صناعي يضم كبريات الوحدات الإنتاجية والشركات الوطنية والعالمية، إلا أن عائدات هذا الثراء لا تُترجم على أرض الواقع تنميةً ولا خدمات.
فالطرقات فيها متآكلة، والبنية التحتية تئن تحت وطأة التقادم. لا دار للشباب تحتوي الطاقات، ولا حدائق تبهج النفوس، ولا ملاعب قرب تفرّغ شحنات الطفولة والشباب في حضن الرياضة. أما التشوير الطرقي، فغائب، كأنه لم يكن، ما يجعل التنقل داخل المدينة محفوفا بالمخاطر، ووسائل النقل الحضري لا تزال حلما يراود سكانا قُدّر لهم أن يتنقلوا بواسطة العربات المجرورة.
الأمن، كما الصحة، وجهان لعملة الحياة الكريمة. والمدينة اليوم تفتقر لمفوضية أمن وازنة، تحمي السكان وتكرّس هيبة القانون. كما أنّ المرفق الصحي القائم لا يرقى إلى تطلعات المرضى، ولا يستجيب لحاجيات مدينة في حجم السوالم، ما يضطر المواطنين إلى التنقل لمسافات طويلة بحثا عن العلاج، وهم الذين يدفعون الضرائب ويمنحون الجهد لهذا الوطن.
إن سكان حد السوالم اليوم، لا يطالبون بالمستحيل، بل يمدّون يد الأمل إلى السيد العامل الجديد، جمال خلوق، حاملين إليه أماني مدينة تعبت من الانتظار، واشتاقت لمن ينتشلها من وحل الإقصاء إلى فضاء الإنصاف.
يريدون من سيادته أن يجعل من حد السوالم عنوانا لتنمية حقيقية، لا شعارات عابرة. يريدون أن يرى بعينه ما لم يره من سبقه، وأن يسمع بقلبه قبل أذنه، صدى معاناة أجيال تعاقبت على حلم اسمه “الاهتمام”.
مدينة حد السوالم رغم عثراتها، مدينة واعدة. أرض خصبة تنتظر من يسقيها برؤية عادلة، ويمنحها من وقته وجهده ما تستحقه. فهل يفعلها السيد العامل الجديد، ويجعل من أول زيارة له بداية عهد جديد؟ ذلك ما ينتظره الجميع، وما نأمله جميعا.