أخر أخبار

الحذر ثم الحذر… فالمؤامرة قد ترتدي قناع الصحافة

10 سبتمبر 2025
A+
A-

صوت الأمة بقلم: المصطفى دراݣي

يتهيأ المغرب، بلد السهل والجبل، بلد السيف والقلم، لاستقبال العرس الكروي الإفريقي خلال شهري دجنبر ويناير المقبلين. هنا ستجتمع الشعوب كما تجتمع النجوم في سماء واحدة، وستتلاقى الأقدام على المستطيل الأخضر كما تتلاقى الأنهار في بحر المحبة. إن كأس إفريقيا موعد للفرح، وزينة للوطن، ونافذة يطل منها العالم على مغرب العراقة والحداثة.

غير أن في كل فرح عيونا لا تفرح، وفي كل إشراق ظلالاً تحاول إطفاء النور. هناك، في الضفة الشرقية، قلوب تتغذى على الحسد، وأفواه لا تنطق إلا بالزور، وأياد لا تتقن إلا حبك الدسائس. إنهم ليسوا مشجعين، ولا صحفيين، بل عناصر من المخابرات الجزائرية، يتسللون تحت قناع “الإعلام الرياضي” كما يتسلل الذئب في ثوب الحمل، وكما يخفي الليل خفافيشه خلف السواد.

سيأتون حاملين الكاميرات لا لتوثيق الجمال، بل لتصيد العثرات، يبحثون عن ثغرة صغيرة في جدار الإنجاز، فيضخمونها حتى تصير جبلا، وعن هفوة عابرة في بحر من النجاحات، فيجعلونها محيطا هائجا. سيلتقطون الصورة بزاوية ماكرة، ويختزلون الواقع في مشهد ناقص، ثم يقدّمونه للجنرالات كما يقدم السم الزعاف في كأس من ذهب.

إنها ليست صحافة، بل خديعة متقنة، وليست رياضة، بل حرب ناعمة. إنهم يرمون بعدساتهم كما ترمى السهام، ويغرسون كلماتهم كما يغرس الخنجر في خاصرة الحقيقة. يبيعون لشعبهم السراب على أنه ماء، ويُلبسون الأكاذيب ثوبا من الحرير ليخدع بها الغافلون.

لكن المغرب، يا سادة، ليس لقمة سائغة ولا صيدا سهلا. المغرب قلعة حصينة، أسوارها مؤسسات يقظة، وأبوابها حراس لا ينامون. لقد خبر هذا الوطن دسائس أشد وأنكى، وخرج منها أقوى وأصلب، فكيف به لا يفضح اليوم مؤامرة ملفوفة في ورق الصحافة، ومضمخة برائحة المخابرات؟

إننا اليوم أمام مباراة من نوع آخر: مباراة بين الحق والباطل، بين الصدق والزيف، بين من يشيد في وضح النهار ومن يحفر في عتمة الليل. المغرب يبني ملاعب كحدائق تبتسم، وفنادق كقصور تتألق، وبنى تحتية كخيوط ذهبية تنسج لوحة الوطن، بينما جاره يبعثر موارده في غياهب المؤامرات العقيمة، ويستنزف طاقته في عراك مع سراب.

فلنكن على يقين أن كأس إفريقيا امتحان تخاض فيه معركة الصور والكلمات. فهناك من يسعى إلى تسجيل هدف في الشباك، وهناك من يحاول تسجيل هدف في العقول.

الحذر ثم الحذر… فالمؤامرة هذه المرة تتخفى خلف عدسات وتذاكر اعتماد، لكنها لا تخفي رائحتها: إنها المخابرات الجزائرية التي تحاول عبثا أن تلصق بالمغرب صورا شوهاء. غير أن المغرب، كالنخلة، كلما رميت بالحجارة أثمرت، وكلما حوربت ازداد صلابة وبهاء.

فكما ينتصر لاعبونا على الخصم بالمهارة والعزيمة، سينتصر وطننا على الكيد بالوعي والحكمة. وستظل راية المغرب ترفرف في سماء الحقيقة، يلمع بياضها مهما حاول الحاقدون رشها بسواد الزيف.

وهنا نرفع نداء جهورا، كبيان استنهاض يطرق القلوب قبل الآذان: يا سلطاتنا الساهرة، يا عيون الوطن التي لا تنام، شدوا الوثاق ولا تتركوا للخداع منفذا، فالمؤامرة وإن تلثمت بوجه الصحافة، فإن ملامحها تفضح بعيون اليقظة. كونوا حصن الوطن وسياجه، فإن المغرب أمانة في أعناقكم، والتاريخ لا يرحم من قصّر في ساعة الحزم. إننا ندعوكم إلى مضاعفة الحيطة، فاليقظة اليقظة حتى يبقى وطننا صرحا منيعا، لا تنال منه رياح التضليل، ولا تهزه زوابع الكراهية.

تعليقات الزوار ( 0 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: