
صوت الأمة: المصطفى دراكي
يجد المنتخب المغربي نفسه في مجموعة ثالثة تبدو للوهلة الأولى صعبة المراس، لكنها ليست عصية القياد، مجموعة تمتزج فيها الخبرة الكروية بالنفس القتالي، وتلتقي فيها المدارس الكروية كما تلتقي الأمواج في بحر واحد: البرازيل، المغرب، هايتي، واسكتلندا.
يبقى المنتخب البرازيلي طودا شامخا في كرة القدم العالمية؛ تاريخ حافل، ومواهب تنهمر انهمار الغيث، وأسلوب يجمع بين رقي السامبا وصلابة الواقعية الحديثة. غير أن قوة البرازيل، مهما بدت جبارة، ليست سدا منيعا، فقد أثبتت السنوات أن الكبار يسقطون إذا واجهوا منتخبات تعرف كيف تقرأ تفاصيل اللعب وتتحكم في إيقاع المواجهة. وهنا يأتي دور المغرب في كسر رهبة الاسم وصناعة الحدث.
أما منتخب اسكتلندا فهو مدرسة كروية قديمة، يعتمد على القتالية، التنظيم، واللعب المباشر. قد لا يمتلك المهارات الفردية التي تميز بعض مدارس أوروبا، لكنه يعوض ذلك بـروح جماعية شرسة تجعل من مواجهته امتحانا في الصبر والتحمل. والمغرب سيكون مطالبا بتجنب أخطاء التفاصيل الصغيرة، فمباراة كهذه قد تربح بشعرة وتخسر بهفوة.
وقد يظن البعض أن هايتي الحلقة الأضعف في هذه المجموعة، لكن كرة القدم لا تعترف بالأنساب ولا بالألقاب، بل تعترف بـالعطاء يوم النزال. منتخب هايتي يمتاز بسرعة لاعبيه وحماسهم، وقدرته على مفاجأة الخصوم في لحظات عدم التركيز. وهنا يظهر دور المغرب في فرض شخصية الأسود من الدقيقة الأولى، فالمباريات التي تبدو سهلة غالبا ما تخفي أشواكا في الطريق.
المنتخب المغربي يدخل هذه المجموعة مرفوع الرأس، مكللا بإرث المونديال الماضي، وحاملا طموح شعب يرى في الأسود أكثر من منتخب، يرى فيهم رسالة. والرݣراݣي يمتلك توليفة ذهبية تجمع بين الصلابة الدفاعية، الخيال الهجومي، وروح لا تستسلم إذا أحسن اختيار العناصر دون عاطفة. وإذا كان التاريخ يكتبه الأقوياء، فإن المستقبل يكتبه من يجرؤون على الحلم.
المجموعة ليست سهلة، وليست مستحيلة. هي مزيج من العرق والتاريخ، من القوة والتكتيك. إذا دخل المغرب هذه المباريات بعقل بارد وقلب مشتعل، وبتخطيط يجعل من كل مباراة معركة صغيرة في حرب كبيرة، فسيكون المرور إلى الدور الثاني خطوة أولى في طريق طويل من المجد الذي يأمله كل المغاربة.
كل التوفيق لأسود الأطلس.
