أخر أخبار

عندما تتخذك الجزائر عدواً لها… فلا تخجل بعدائك لها، إلى حين صعود نظام يعرف معنى الجوار

31 ديسمبر 2025
A+
A-

موقع صوت الأمة – رشيد نشاد
ليس من السهل على أي دولة أن تجد نفسها، دون مبرر موضوعي أو عداء مسبق، في خانة “الخصم” لدى جار يفترض فيه أن يكون شريكاً في الجغرافيا والتاريخ والمصير. غير أن هذا بالضبط ما يحدث عندما تتخذك الجزائر، بنظامها الحالي، عدواً معلناً، وتُسخّر خطابها السياسي والإعلامي لصناعة خصومة مفتعلة، لا تخدم لا شعوب المنطقة ولا مستقبلها.
العداء هنا ليس خلافاً دبلوماسياً عابراً، ولا تبايناً طبيعياً في وجهات النظر، بل هو نهج سياسي قائم على تصدير الأزمات الداخلية نحو الخارج. فكلما ضاقت الخيارات داخل الجزائر، اتسعت دائرة “الأعداء” خارجها، ليصبح الجار شماعة جاهزة، وخطاب التوتر بديلاً عن الإصلاح الحقيقي.
في مثل هذا السياق، يصبح الصمت ضعفاً، وتتحول المجاملة إلى تواطؤ مع تشويه الحقائق. لذلك، فإن عدم الخجل من تسمية الأمور بمسمياتها ليس دعوة للعداء، بقدر ما هو دفاع عن السيادة والكرامة، ورفض لمنطق الابتزاز السياسي. فمن غير المقبول أن تُفرض عليك خصومة لم تخترها، ثم يُطلب منك تبرير حقك في الوجود أو الدفاع عن مصالحك.
المؤسف أن هذا العداء لا يعكس إرادة الشعوب، بقدر ما يعكس اختيارات نظام ما زال أسير عقلية الحرب الباردة، ويُدير علاقاته الخارجية بمنطق الصراع لا الشراكة، وبمنطق الشعارات لا المصالح المشتركة. نظام ينسى، أو يتناسى، أن حسن الجوار ليس شعاراً يُرفع عند الحاجة، بل سلوكاً سياسياً دائماً، يقوم على الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية.
ومع ذلك، يبقى الأمل قائماً. فالتاريخ علمنا أن الأنظمة تتغير، وأن الخطابات المتشنجة إلى زوال، بينما تبقى الجغرافيا، وتبقى الحاجة إلى التعايش والتكامل. وحين تصعد في الجزائر قيادة سياسية تدرك معنى الجوار الحقيقي، وتؤمن بأن قوة المنطقة في تعاونها لا في صراعاتها، سيكون من السهل طيّ صفحة العداء وفتح صفحة جديدة أساسها العقل والحكمة.
إلى ذلك الحين، فإن الوضوح يظل موقفاً مشروعاً، والدفاع عن المصالح خياراً لا اعتذار عنه. لأن العلاقات بين الدول لا تُبنى على الخجل، بل على الندية، ولا تُدار بالعواطف، بل بالمسؤولية التاريخية تجاه الشعوب ومستقبلها.

تعليقات الزوار ( 0 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: